واستمرت سيطرة البديع على الأدب والبلاغة طوال العصور التالية لعصر ابن حجة. فنظم فيه جلال الدين السيوطي (ت911ه)، وعائشة البعونية (ت922ه)، وصدر الدين بن معصوم الحسيني(ت1117ه)، وعبد المغني النابلسي(1143ه). وهذان الأخيران معاصران للإفراني(¬1)[83]. فكان من الطبيعي أن يتأثر الإفراني بهذه الثقافة التي تعتبر زينة العصر، ويبحث لها عن مكان في الكتاب. وكان النص المشروح مسعفا، فخرج مطلب البديع شبيها بشرح بديعية من سبعة وعشرين محسنا.
وقد أشرنا في مناسبة سابقة إلى تداخل مباحث علوم البلاغة أحيانا عند الإفراني، من ذلك حديثه عن التشبيه، والتشبيه المركب في البديع والبيان في الوقت نفسه. ويرجع ذلك فيما نرى إلى أن اتساع البحث في البديع جعله يبتلع بعض المباحث التي اعتبرت من علم المعاني، ومن ذلك الإطناب والتكرار والتفصيل والتذييل والاستقصاء والإيجاز والبسط(¬2)[84]. وهكذا تضخم البديع "ليشمل الصور [ص39] البيانية، وكثيرا من صور علم المعاني"(¬3)[85].
أما البيان فكان قد انكمش في تلخيصات المفتاح للسكاكي وشروحها، وأهمها المطول لسعد الدين التفتازاني الذي يعتبر من أهم مراجع الإفراني ومعاصريه. ولم يكن علم المعاني بموضوعاته المحدودة على أهميتها، ميدانا مسعفا لبسط القواعد وجلب الشواهد.
* * *
صفحہ 43