فإنكم أنكرتم على المتكلمين حدوث حادث معين بلا سبب، والتزمتم حدوث جميع الحوادث بلا سبب، وأنكرتم ترجيح بعض الممكنات بلا مرجح، والتزمتم ترجيح جميع الممكنات بلا مرجح؛ فإن الوجود المطلق والذات البسيطة التي هي واحدة من كل وجه: لا اختصاص لها بممكن دون ممكن من الأعمار والصفات والمقادير، ولا اختصاص لها بإحداث شيء دون شيء، ولا يكون أحد الحادثين هو السابق دون الآخر.
فما الموجب لكون بعض الأجسام والصفات قديما وبعضها محدثا؟ وكون بعض الممكنات موجودا وبعضها معدوما من الأعيان والصفات والمقادير والحركات؟
فهذا يضطركم إلى القول بأن المبدع فيه صفات متنوعة بل وأفعال متنوعة اقتضت ما اقتضته من التنوع في الممكنات والحوادث.
وذلك يستلزم بطلان قولكم بقدم العالم، والموجب بالذات، وقولكم بنفي الصفات الذي جعلتموه توحيدكم.
وقد ألزمهم متكلموا الإسلام بعض هذه الأمور، كما تقدم التنبيه على بعضه. وهذه إلزامات لا محيد عنها.
[قول المتكلمين أقل ضلالا من قول المتفلسفة وإن كان الجميع في ضلال]
صفحہ 90