[رد شيخ الإسلام على الفلاسفة في (قدم الأفلاك)]
لكن يقال للفلاسفة: غاية ما في حجتكم إبطال حدوث الحوادث بلا حوادث قبلها، وذلك لا يستلزم قدم الأفلاك بل / (¬1) ولا قدم شيء مغاير لله. أما الأول فلوجهين:
أحدهما: أنه إذا فرض أن كل حادث مشروط بحادث قبله، وكانت الأفلاك من الحوادث المشروطة بحوادث قبلها؛ كان هذا ممكنا كالحوادث المشهودة، ولم يكن في حجتهم ما ينافي هذا.
وقد علم أن القول بصدور الأفلاك عن موجب بالذات باطل بكتب الأنبياء أجمعين، وباطل بالعقل الصريح.
الوجه الثاني: أن تلك الشروط إذا كانت من أفعال الله القائمة بنفسه؛ أمكن أيضا حدوث الأفلاك، بل وحدوث كل ما سوى الله.
فإنه إذا جاز أن يقوم الكلام المتنوع والفعل المتنوع؛ لم يمكنكم أن تمنعوا جواز كون ذلك سببا لحدوث ما يحدث. وأنتم تجعلون ما يقوم بالفلك من الحركة سببا لحدوث جميع الحوادث؛ مع أن الحركة واحدة بسيطة. ولا تنفعكم الإحالة على اختلاف القوابل؛ فإن هذه الأمور المختلفة الحادثة صدرت عندكم عن وجود واحد مطلق ليس فيه اختلاف ولا تقوم به حوادث.
ومعلوم أن العقل يحيل هذا أعظم مما يحيل حدوثه عنه بعد أن لم يكن حادثا.
صفحہ 89