وأما الدور المعي؛ وهو الدور في الشروط فهو جائز بلا ريب.
فكما أن الدور ينقسم إلى قسمين؛ كذلك التسلسل ينقسم إلى قسمين؛ فإذا كان هذا التسلسل واقعا في نفس الأمر والترجيح بلا مرجح ممتنعا : بطل ما ذكرتموه من أن ذاتا لم يكن لها كلام ولا فعل ونحو ذلك ثم أحدثت ما أحدثت بلا مرجح أصلا؛ إذ هذا مستلزم للترجيح بلا مرجح، ولنفي التسلسل الواقع.
ويتبين بذلك: أن ما ذكروه من المعارضة لهم بأن هذه الحجة تقتضي منع تغير العالم مطلقا؛ إنما تلزم مع القول بصحة مقدماتها التي إحداها: امتناع التسلسل مطلقا. فأما إذا منعت هذه المقدمة لم يلتزم ذلك.
لكن المتفلسفة تلتزم التسلسل في المحدثات القائمة بالممكنات؛ وهو أشد فسادا وتناقضا كما تقدم. وإن كان الرازي وأمثاله لا يمكنهم بيان فسادها.
صفحہ 88