قال: يقتل به فقد جوز الله سبحانه في فعله، لأنه حكم عليه بالقتل وجعله له موتا، فلم يكن هذا القائل ليقدر أن يخرج مما جعل الله وحكم به عليه، فإذا حكم عليه بأمر وعذبه فيه فقد ظلمه، وعز الله سبحانه عن ذلك وجل عن ظلم العباد، أو أن يأمر بأمر ويعاقب عليه، وأن يرضى ما يسخط سخط ما يرضى، والقائل بهذا لا يرضى لنفسه لو كان له عبد فأمره بأمر، فلما أنفذه عاقبه عليه، لكان ذلك ظلما وعدوانا ولنفاه عن نفسه، ولما أذن أنطق لسانه أن ينسب الظلم إلى من هو فوقه ممن يخافه، كيف يقول بذلك قائل أو يتكلم به متكلم، والله عز جل ينفي ذلك عنه ويقول: { النفس بالنفس والجروح قصاص } . ويقول: { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } . ويقول عز وجل: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } . وقوله: { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا } . وإنما السلطان الذي جعله الله للولي أن يقتل قاتله، وكيف يقتل رجلا من قتل أخاه والله حكم بذلك عليه وجعله له موتا، هذا قول فاسد مدخول، لا يقول به مؤمن ولا يتكلم به عاقل ولا عالم، لأنه يلزم من قال هذا، الظلم لله سبحانه والتجوير والتكذيب لكتابه، وعز الله وجل عن ذلك.
ومن الحجة في ذلك قول الله عز وجل: { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } . فأوجب عليهم العذاب في فعلهم ولو كان فعلهم هو الموت الذي أراد أن يجعله بأيديهم لما عذبهم فيما حكم به عليهم، لأنه يقول سبحانه: { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون } . فنفنى الظلم من نفسه، وأعلمنا أن الظلم من العباد لأنفسهم بارتكابهم لما نهاهم عنه وحذرهم إياه، ومن جور الله سبحانه في فعله وقال عليه بما هو نفاه عن نفسه فقد كفر واستوجب بكذبه النار وساء مصيرا، وهذه الحجج من كتاب الله سبحانه وعن رسوله صلوات الله عليه وعلى ما يطول شرحه ويكثر ذكره، وفي أقل مما ذكرنا كفاية ولله الحمد كثيرا كما هو أهله ومستحقه.
45- وسألت فقلت: ما معنى خلق الحية والعقرب وفيهما الضرر على
الناس وكان أولى في الحكمة وأقرب إلى الرحمة أن لا يخلق من هذه الضارة لبني أدم ما يضرهم؟
صفحہ 25