وتحسبه إياه حبهم عارًا، وما حذف من اللفظ لقيام الدلالة عليه فهو بمنزلة الثابت في اللفظ. ومثل هذا قول جرير:
كنقا الكثيب تهيلت أعطافه ... والريح تجبر متنه وتهيل
وفلم يع الثاني لدلالة الأول على إرادته تعديته. وفي التنزيل ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات﴾ والمعنى: وتبدل السموات غير السموات، فحذف المفعول من اللفظ لدلالة الأول عليه. وذكر سيبويه أن بعض العرب تقول: "متى ظننت أو قلت زيدًا منطلقًا"، فتعمل "ظننت" ولا تعمل "قلت" في شيء. فإذا كان هذا على ما ذكرناه، لم يكن فيه قدح على قول أبي الحسن.
وتقول: من زيدٌ؟ وزيدٌ من هو؟ فإن أدخلت "رأيت" أو "علمت" على: زيدٌ من هو؟ قلت: علمت زيدًا من هو، فنصبت زيدًا لأنه المفعول الأول، والاستفهام في موضع المفعول الثاني، كما كان قبل في موضع خبر الابتداء. والدليل على حسن النصب قولك: علمته من هو، وقد يجوز أن تعلق "علمت" عن "زيد" وترفعه، فتقول: علمت زيدٌ من هو، تحمل الكلام على المعنى؛ لأن المعنى: علمت من زيدٌ، فكما أن زيدًا لا يكون فيه إلا الرفع، فيما تعطفه على "إن" بعد عملها في اسمها وخبرها نحو "إن زيدًا منطلقٌ وعمروٌ" لما كان معنى "إن زيدًا منطلقٌ" و"زيدٌ منطلقٌ" واحدًا، فكذلك يجوز
1 / 74