عندي في هذا أن "علمت" و"ظننت" وبابهما قد أجريا مجرى القسم في كلامهم؛ ألا تراهم تلقوها بما يتلقى به القسم في نحو قوله ﷿ ﴿وظنوا ما لهم من محيصٍ﴾. وحكى سيبويه "ظننت لتسبقني"، وأنشد:
ولقد علمت لتأتين منيتي ... إن المنايا لا تطيش سهامها
فكما أن القسم، وإن كان جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر، لا يكون كاملًا مستقلًا حتى يوصل بالمقسم عليه، كذلك "ظننت" و"علمت" لما كانا قد أجريا مجراه، لم يستحسن الاقتصار عليهما حتى يوصل بالمفعولين. وأيضًا فإن ذلك وإن كان جملًا، فإنها تدخل على المبتدأ والخبر، فكما أن سائر ما يدخل على المبتدأ وخبره لا يستقل حتى يدخل عليهما، كذلك كان "علمت" و"ظننت" وبابهما.
فإن قال قائل: فقد قال الكميت:
بأي كتابٍ أم بأية سنةٍ ... ترى حبهم عارًا علي وتحسب
فلم يعد "تحسب" إلى شيء.
قيل: لا يقدح هذا في ما ذهب إليه أبو الحسن، وذلك أن الشاعر أراد إعمال الفعلين، فاستغنى بإعمال الأول عن أن يعمل الثاني، فحذف المفعولين من الفعل الثاني لدلالة ما تقدم عليهما؛ ألا ترى أن المعنى: ترى
1 / 73