دخل على المنصور وقد سخط عليه وأراد التنكيل به ، فشاهد الربيع احتفاء المنصور بالإمام وتكريمه (1).
وعلى هذا كان الإمام المجتبى ، الحسن بن أمير المؤمنين (ع) يستشفي بتربة جده تارة ، ويعمل بقول الطبيب اخرى ، ويأخذ بقول أهل التجربة ثالثة (2)، مع علمه بأن ذلك المرض لا يقضي عليه ، وللأجل حد معلوم. ولكنه أراد إرشاد الناس إلى أن مكافحة العلل تكون بالأسباب العادية ، فلا غناء عنها حتى يساير هذه الاسباب. لكنه لما حان الأجل المحتوم ، لم يعمل شيئا ؛ تسليما للقضاء ، وذلك عندما قدمت إليه جعدة بنت الأشعث اللبن المسموم ، وكان الوقت حارا ، والحسن صائما (3)، فرفع رأسه إلى السماء قائلا : «إنا لله وإنا إليه راجعون. الحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين ، وأبي سيد الوصيين ، وامي سيدة نساء العالمين ، وعمي جعفر الطيار في الجنة ، وحمزة سيد الشهداء» (4) ثم شرب اللبن وقال لها : «لقد غرك ، وسخر منك ، فالله يخزيك ويخزيه» (5) وهي تضطرب كالسعفة.
وقد أعلم الرضا (ع) أصحابه بأن منيته تكون على يد المأمون ، ولابد من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله (6). وقال أبو جعفر الجواد (ع) لاسماعيل بن مهران لما رآه قلقا من إشخاص المأمون له : «إنه لم يكن صاحبي ، وسأعود من هذه السفرة» ، ولما أشخصه المرة الثانية ، قال (عليه السلام) لاسماعيل بن مهران : «في هذه الدفعة يجري القضاء المحتوم» ، وأمره بالرجوع إلى ابنه الهادي ، فإنه إمام الامة بعده (7).
ولما دفعت إليه ام الفضل المنديل المسموم ، لم يمتنع من استعماله ؛ تسليما للقضاء ، وطاعة لأمر المولى سبحانه ، نعم قال لها : «إبتلاك الله بعقر لا ينجبر ، وبلاء لا ينستر» ، فاصيبت بعلة في أغمض الجوارح من بدنها.
وإخبار أمير المؤمنين (ع) بأن ابن ملجم قاتله ، لم يختلف فيه اثنان. ولما أتى
صفحہ 59