فإن كان الغسل داخله ممكنا، وقلنا بتقديم التيمم عليه، تعين القول بعدم إباحته للصلاة خارج المسجد؛ للإجماع على عدم إباحة الصلاة بالتيمم مع إمكان الغسل.
وإن قلنا بتقديم الغسل، ولكن لم يمكن تحصيله في المسجد، وأمكن خارجه، لم يتصور إباحته أيضا؛ لوجوب المبادرة بالخروج من المسجد، إذ لا يجوز اللبث فيه للقادر على الغسل. وإنما وجب التيمم للخروج؛ لعدم إمكان الغسل حينئذ، وتحريم قطع جزء منه إلا بالغسل أو بدله، فتمتنع الصلاة في المسجد لذلك، وبعد الخروج يتمكن من الغسل فيفسد التيمم.
وإن كان الغسل غير مقدور خارج المسجد، فالوجه كون هذا التيمم مبيحا للصلاة وغيرها مما إباحته مشروطة بالتيمم؛ لوجود المقتضي للإباحة، وفقد المانع.
أما الأول فهو التيمم الواقع في محله وهو تعذر الغسل، وقد أجمع الأصحاب على أن التيمم الواقع كذلك يبيح ما تبيحه الطهارة المائية، والمخالف في بعض الأفراد شاذ معلوم النسب (1).
وأما الثاني؛ فلأن المانع من إباحة التيمم كان قدرة المكلف على الغسل، والتقدير عدمه. وحينئذ يمنع وجوب المبادرة إلى الخروج وتحري أقرب الطرق؛ لأن ذلك مشروط بإمكان الغسل خارج المسجد.
وبما قررناه يجمع بين حكم من ذكر من الأصحاب في هذه المسألة وجوب الخروج مبادرا من أقرب الطرق، وبين قولهم في باب التيمم إنه يستباح به ما يستباح بالطهارة المائية، فإن من جملة ما تبيحه المائية اللبث في المسجدين وغيرهما، فيصح حينئذ اللبث والصلاة فيهما.
صفحہ 79