التيمم، عملا بالاستصحاب، فبعد التيمم يتحقق الإذن إجماعا وقبله مشكوك فيه، فيتحقق فيه المنع؛ لتحقق المانع الشك في الإباحة بدونه.
وليكن قبل الفجر كالغسل، والظاهر وجوب البقاء عليه إلى أن يطلع الفجر؛ لأن النوم ناقض للتيمم كنقض الجنابة الغسل، فكما لا يجوز تعمد الجنابة باقيا عليها إلى طلوع الفجر، كذا لا يجوز نقض التيمم والعود إلى حكم الجنابة قبله، إلا أن يتحقق الانتباه قبل الفجر بحيث يتيمم ثانيا، فإنه يجوز حينئذ له النوم، كما يجوز له من دون أن يتيمم. ولانتفاء فائدة التيمم لو جاز نقضه قبل الفجر والبقاء عليه؛ لأن الحدث بعده يعيد حكم الجنابة كما كان. نعم لو غلب عليه النوم على وجه لا يمكنه دفعه فلا حرج، ثم إن انتبه قبل الفجر جدده، وإلا فلا.
ووجه عدم وجوب البقاء عليه أن انتقاضه بالنوم لا يحصل إلا بعد تحققه، وحينئذ لا حرج؛ لاستحالة تكليف الغافل، ولأن نقض التيمم لو كان كنقض الغسل بالجنابة لزم وجوب الاستمرار عليه طول النهار، إذ لا يجوز تعمد الجنابة نهارا.
ويضعف بأن النهي يتوجه إلى توجيه النفس إلى النوم وتهيئة أسبابه ومقدماته، كما يحرم فعل مقدمات الجنابة المسببة عنها وإن كان قبل حصولها لا يتحقق، وعند حصولها في الآن المقارن لها لا تكليف؛ للعجز عن دفعها، ونقضه نهارا خارج بالإجماع، فيبقى الباقي، ولو لا الإجماع لكانت المعارضة في محلها.
ويفهم من قوله: (والأولى) عدم تعيين التيمم، بل هو احتياط، ويدل على إرادة الاحتياط أيضا جعله الصوم غاية مختصة بالغسل، فليس فيه رجوع عن قريب كما ادعاه الشارح (1).
ووجه عدم الوجوب أصالة عدمه، إذ لا دليل عليه ظاهرا، فإن الآية في سياق الصلاة، ولا نزاع في وجوب التيمم بدلا عن الغسل لها، وقد تقدم ما يصلح وجها للوجوب، وقد قربه المصنف في البيان. (2).
صفحہ 76