غاية لغسله، وإطلاق السبب- الذي هو نزول الماء أو غيبوبة الحشفة- على الحدث- الذي هو المانع من الدخول في العبادة المخصوصة- مجاز من باب إطلاق اسم السبب على المسبب.
واعلم أن الصوم لا يكون غاية لغسل الجنابة، إلا مع تضيق الليل بحيث لا يبقى منه إلا قدر فعله علماء أو ظنا، فلو أوقعه المكلف قبل ذلك لم يكن الصوم غاية؛ لعدم المخاطبة به حينئذ، فإن ضيق الوقت إلا عن قدر الغسل في حكم دخول وقت الصلاة الموجب للغسل، فقبله لا تكون الصلاة المؤقتة غاية له.
ولا فرق في ذلك بين أن نقول: إن غسل الجنابة واجب لغيره كما هو الأصح، أو لنفسه. فلو أراد تقديمه على الوقت المذكور، ولم يكن مخاطبا بعبادة واجبة مشروطة به، نوى الندب. ولو قلنا بوجوبه لنفسه نوى الوجوب وارتفع حدثه على التقديرين، كما يرفع الوضوء الحدث المتقدم على الوقت، عدا ما استثني منه.
(و) في حكم الجنب (ذات الدم) وهي الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما قبل الفجر بمقدار الغسل، والمستحاضة غير القليلة الدم. وإنما أطلق القول فيها، بحيث يشمل المستحاضة القليلة الدم؛ اتكالا على ما فصله قبل.
والقول بأن المراد بذات الدم المستحاضة دون أختيها- بناء على أن الغسل إنما يجب عليهما بعد انقطاع دمهما، وحينئذ لا يصدق عليهما كونهما كذلك؛ لزوال المعنى المشتق منه (1)- حقيق بالإعراض عنه، فإن الإجماع واقع منا على عدم اشتراط بقاء المعنى المشتق منه في صدق الاشتقاق حقيقة، كما لا خلاف في وجوب الغسل عليهما للصوم، فلا وجه للإخلال بذكره.
(والأولى التيمم) للصوم (مع تعذر الغسل) على الجنب وذات الدم؛ لعموم فلم تجدوا ماء فتيمموا* (2) وللإجماع على كون حدث الجنابة مانعا من الصوم، فيتحقق المانع إلى أن يحصل المزيل وهو الغسل، أو ما يقوم مقامه في الإباحة وهو
صفحہ 75