لأن علل الشرع معرفات، وكل واحد من السابق واللاحق لو انفرد لكان موجبا، وقد علم من حدودها أن إطلاق اسم الموجب والناقض على جميع الأحداث بطريق المجاز من باب إطلاق اسم الجزء على الكل. وفي الموجب مجاز آخر، فإن الموجب حقيقة هو الله تعالى، والتعبير عنها بالأسباب أنسب.
والوضوء بضم الواو: اسم للفعل المخصوص، مأخوذ من الوضاءة، بالمد: وهي النظافة والنظارة، وهو اسم مصدر؛ لأن قياس المصدر التوضؤ كالتعلم والتكلم (1)، وبالفتح: اسم للماء الذي يتوضأ به.
إذا تقرر ذلك فأحد الموجبات الأحد عشر خروج (البول والغائط والريح من المعتاد(2)) لخروجه، وهو الموضع الطبيعي، ووصفه بالاعتياد توضيح لا تخصيص، إذ لا يشترط في سببية الخارج منه الاعتياد إجماعا، ولو خرج من غيره اعتبر في نقضه الاعتياد مع عدم انسداد الطبيعي، ويمكن استفاده ذلك أيضا من العبارة بجعل الاعتياد أعم من الموضح والمخصص.
ويتحقق الاعتياد بالخروج منه مرتين متواليتين، فيوجب الوضوء في الثالثة، ولو استفيد الاعتياد من العرف بغير ذلك رجع إليه، ولا فرق بين ما فوق المعدة وتحتها.
ويستفاد من الحصر في الثلاثة عدم الوجوب بالخارج غيرها من حب ودود وغيرهما مع عدم مصاحبته لشيء من الثلاثة، ومعها ينتقض لا باعتباره بل باعتبار ما خرج معه.
وإنما ينقض الخارج مع انفصاله عن الباطن، فلو خرجت المقعدة ملطخة بالغائط ثم عادت ولما ينفصل، لم يجب الوضوء على أصح القولين.
(والنوم الغالب) غلبة معطلة، لا مطلق الغلبة (على الحاستين)، وهما السمع والبصر. وخصهما من بين الحواس الخمس مع اشتراط زوال الجميع؛ لأنهما أقوى الحواس، فغلبته عليهما يقتضي غلبته على باقي الحواس. ولو قال: المزيل للإحساس، كان أشمل وأدل على المراد.
صفحہ 65