وإنما اختار المبيح على الرافع ليشمل أقسام الطهارة، فإن منها ما يبيح ولا يرفع، وكل رافع مبيح. وأراد بالإباحة: ما يعم الناقصة والتامة، فيدخل وضوء الحائض وغسلها؛ لأن كل واحد منهما طهارة مع أنه جزء المبيح.
وإنما خص الصلاة بالإباحة دون غيرها من أفراد العبادة ودون العبادة المطلقة؛ لأن مطلق العبادة لا يتوقف على الطهارة، وبعض أفرادها قد يكون كذلك، وقد يتوقف عليها بوجه كالصوم المتوقف على الكبرى، والطواف المتوقف واجبه عليها خاصة، والمس مختلف في توقفه. بخلاف الصلاة فإن واجبها ومندوبها مشروط بها إن لم تجعل الجنازة صلاة حقيقة كما يقتضيه البحث، وإلا فوجه التخصيص عموم البلوى بها وكونها الفرد الأكمل.
وإنما عرف مطلق الطهارة ولم يقتصر على تعريف الواجبة كما صنع في الصلاة؛ لتأدي الصلاة الواجبة بالطهارة المندوبة على بعض الوجوه، فهي شرط للصلاة وإن كانت مندوبة على وجه.
وأشار بكونه اسما لما يبيح- بحيث يدخل فيه الثلاثة- إلى أن مقولية الطهارة على أنواعها الثلاثة بالتواطؤ أو التشكيك، لا بالاشتراك اللفظي ولا بالحقيقة والمجاز؛ لأنه جعل الثلاثة مشتركة في معنى واحد وهو المبيح.
وفي التعريف إشارة إلى العلل الأربع: المادة، والصورة بالترتيب المذكور، والغاية: وهي إباحة الصلاة، والفاعل مدلول عليه التزاما.
وبقي في التعريف أمور:
الأول: أنه ينتقض عكسا بخروج الوضوء المجدد منه، ووضوء النوم، وجماع المحتلم، وغيرها مما لا يبيح الصلاة
ولا مدخل له فيها، مع أنه من جملة أفراد الطهارة، واشتهارها في التقاسيم واضح.
الثاني: إن أريد بالإباحة التامة، خرج وضوء الحائض وغسلها
كما مر. وإن أريد به ما يعم الناقصة، دخل فيه أبعاض الثلاثة، فإن لها مدخلا في الإباحة.
الثالث: إن كان المعرف الطهارة الشرعية، لم يفتقر إلى قيد الإباحة
؛ لأنها لا تكون
صفحہ 62