أقوال الميت، وقد تقدم الإجماع على خلافه، فترك الاشتغال بالتفقه عند عدم العلم بالقائم به المؤدي لفرض الكفاية موجب لإخلال أهل العصر بالواجب المخل بالعدالة، فينسد عنهم باب التقليد.
لا يقال: يمكن فرض ذلك في الشيخ الكبير العاجز يقينا عن الوصول إلى تلك المرتبة ونحوه، وفي المشتغل بطلب العلم قبل وصوله، فإن الإخلال بالواجب منتف عنهما، فيمكن اتصافهما بالعدالة، ويتصور الرجوع إليهما في أخذ الأحكام عن الميت.
لأنا نقول: إن الحال وإن بلغ هذا الحد لا يسوغ الفتوى ونقل الأحكام، بل غايته جواز عمله هو لنفسه بأقوال الموتى، فإن الإجماع واقع على أنه لا يجوز الفتوى والحكم للقاصر عن درجة الاجتهاد، مع أن جواز عمل المتصف بهذا الوصف لنفسه بقول الميت موضع نظر، بل قيل: إنه يجب عليه الأخذ بالاحتياط التام والوقوف على مواضع الإجماع ما أمكن، فالاستناد إلى مثل ذلك إحالة على غير الواقع.
قال المحقق الشارح في حاشية الشرائع: إن من هذا شأنه يأتي بالصلاة عند ضيق الوقت على حسب الممكن، كما يقال في من لا يحسن القراءة ولا الذكر: يقف عند ضيق الوقت بقدر زمان القراءة ثم يركع، وعلى هذا النهج حكم سائر التكاليف (1).
انتهى.
ونحن قد أردنا لهذه المسألة رسالة مفيدة (2)، فليقف عليها من أراد تحقيق الحال.
ولما كان حكم المصنف بوجوب تقديم المعارف المذكورة على الصلاة وأخذ أفعالها بأحد الوجهين أعم من كونه مع ذلك شرطا في الصحة، بحيث يلزم من الإخلال به بطلان الصلاة، أو واجبا مطلقا بحيث يستلزم تركه مجرد الإثم، نبه على الشرطية بقوله (فمن لم يعتقد ما ذكرناه) من المعارف المتقدمة بالدليل، (ولم يأخذ كما وصفناه) له، وهو أخذ المجتهد بالدليل على كل فعل من أفعالها، أو بالتقليد فيها للمجتهد أن
صفحہ 54