قام به أحد وجب على من قصر عن مرتبة الاستدلال الرجوع، وإن أخل به الجميع اشتركوا جميعا في الإخلال بالواجب (1)، ويستثني منه من عجز عن بلوغ تلك المرتبة يقينا؛ لئلا يلزم تكليف ما لا يطاق، وتفصيل ذلك يتوقف على بسط كلام لا يليق بهذا المقام.
وعلى القولين فالتفقه واجب في الجملة إجماعا، فترك الاشتغال بالتفقه والإكباب على تقليد الموتى باطل بالإجماع، وما يتناقلونه بينهم من جواز تقليد الميت باطل مردود عليهم، ولا طريق لهم في إسناده إلى أحد من علمائنا الذين يعتمد عليهم، وإنما هو نقل مرسل لا يجوز التعويل على مثله. وعلى تقدير إسناده الصحيح لا يمكن المصير إليه إلا إذا أسند إلى مجتهد حي يجد له موافقا عليه من الأموات على وجه لا يستلزم خرق الإجماع، وأما إسناده إلى الميت فجواز العمل به يتوقف على جواز النقل عن الميت، فلو توقف جواز النقل عن الميت على هذا النقل لزم الدور.
الثاني: على تقدير التنزل، وجواز الأخذ عن الميت يكون مساويا للمجتهد الحي أو أضعف حالا منه
، وقد تقدم أن المجتهد الحي مع تعدده يتعين على المستفتي تقليد الأعلم إلى آخر ما فصل، وذلك يقتضي وجوب العمل بقول أعلم المجتهدين الأموات من عصر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى زماننا هذا مع اتحاد قوله، وإلا تعين العمل على آخر أقواله وهو الذي مات عليه، والعلم بذلك كاد أن يلحق بالمحالات، فلو جوزنا العمل بقول أي ميت كان من المجتهدين لزم منه أن يكون الميت أعلى منزله وأحسن حالا من الحي، وهو خلاف الإجماع، بل يلزم على ذلك القول بوجوب الرجوع إلى الأعلم من الأموات وإن كان الحي موجودا إذا كان الميت أعلم منه؛ لأن ذلك هو مقتضى إلحاقه بالحي، وذلك كله باطل بالإجماع.
الثالث: أن جواز الرجوع إلى الميت بالوسائط مشروط بعدالة الوسائط إجماعا
، وذلك يتوقف على سقوط السعي على التفقه عنهم وجواز القعود عنه والاتكال على
صفحہ 53