وبإذغان جماعة من العلماء العارفين بالطريق بحيث يحصل بذلك الشياع إن لم يكن فيهم عدلان.
وتعلم العدالة بالمعاشرة المطلعة على الحال، وبشهادة عدلين، وبالشياع.
والمراد بالعدالة: ملكة نفسانية تبعث على ملازمة التقوى والمروءة.
والمراد بالتقوى: اجتناب الكبائر- وهي ما توعد عليه بخصوصه في الكتاب والسنة- والإصرار على الصغائر، وهي ما عداها من المعاصي.
وبالمروءة: اجتناب ما يسقط المحل من القلوب وإن كان مباحا.
الثاني عشر: يستفاد من اشتراط عدالة الجميع أنه لا بد من العلم بمجموع الوسائط، والإسناد إلى مجتهد معين
، وثبوت عدالتهم شرعا. فلا يكفي التعويل على حسن الظن بمن أخذ عنه العدل، وأنه لا يأخذ إلا عن عدل مع عدم الحكم بعدالة الواسطة بأحد الوجوه السابقة، واعتماد خلاف ذلك باطل بالإجماع، خصوصا في تقليد الموتى مع تقادم عهدهم وبعد زمانهم، فما يفعله كثير من أهل زماننا غير جائز، بل هو غير معروف في المذهب أصلا، وبيانه من وجوه:
الأول: اعتمادهم على تقليد الميت
، وقد بينا أن القائل به غير معروف في أصحابنا، بل الذين توجد كتبهم منهم الآن وتنقل فتواهم قد أكثروا في كتبهم الأصولية والفروعية من إنكار ذلك، ونادوا بأن الميت لا قول له، وأسمعوا به من كان حيا، فعلى مدعي الجواز بيان القائل على وجه يجوز الاعتماد عليه، فإنا قد تتبعنا ما أمكننا تتبعه من كتب القوم فلم نظفر بقائل به من فقهائنا المعتمدين، بل وجدنا لأصحابنا قولين:
أحدهما: قول كثير من القدماء، وفقهاء حلب كأبي الصلاح (1)، وابن حمزة بوجوب الاجتهاد عينا، وعدم جواز التقليد لأحد البتة، وهو قول غريب عجيب، مستلزم للمحنة الكبرى والطامة العظمى.
وثانيهما: قول المتأخرين والمحققين من أصحابنا أنه واجب على الكفاية، وأنه متى
صفحہ 52