وجوب الصلاة اجتهادا؛ لأنه معلوم ضرورة، وذلك مما يجب الاحتراز عنه في تعريف الفقيه والفقه. وهذا بخلاف تفاضل أفعالها، فإن الاستدلال عليها واجب لا يجوز العدول عنه إلى التقليد وإن كان كثيرا منها قد أجمع المسلمون على وجوبه كالركوع وإن اختلفوا في كيفيته وما يجب فيه إلا أنه ليس بضروري، فلا بد من الاستدلال على وجوبه ولو بالإجماع.
السابع: لما كان موضوع الرسالة أفعال الصلاة الواجبة كان المراد بالأفعال ذلك
بقرينة المقام وإن كان اللفظ أعم من ذلك، وكذلك يجب على المجتهد الاستدلال على ندب الفعل المندوب إن أراد فعله ليوقعه على وجهه وإن كان لو ترك فعله لم يجب عليه النظر فيه، فلو أوقعه بنية الندب من غير استدلال بطلت الصلاة؛ للنهي المقتضي للفساد، ولكن ذلك خارج عن الفرض هنا.
الثامن: اللام في قوله [ (ويكفيه الأخذ) يمكن كونه للعهد الذكري]
(ويكفيه الأخذ) يمكن كونه للعهد الذكري، وهو الأخذ في كل فعل من أفعالها المتقدم وإن كان ذلك ممتازا بالاستدلال لكن المائز قد خرج بقوله: (الأخذ عن المجتهد) وحينئذ فيجب على المقلد التقليد في كل فعل من أفعالها التي يجب على المجتهد الاستدلال عليها، ولو لا محاولة إرادة ذلك كانت العبارة مجملة، إذ ليس فيها حينئذ بيان القدر المأخوذ بالتقليد، ويجوز الاستعانة على كون الأخذ لجميع الأفعال بقرينة المقام وإن لم نجعل اللام عهدية على تكلف.
ومقتضى الاقتصار بالوجوب على ذلك أن الإخلال بأخذ المنافيات ومسائل السهو والشك ليس مؤثرا في صحة الصلاة، بقرينة حكمه بعد ذلك ببطلان صلاة من لم يأخذ الأفعال بأحد الطريقين، ويتجه ذلك في المنافيات إذا خلا المكلف عنها في الصلاة، ويمكن في الباقي ذلك.
وربما قيل بوجوب تعلم مسائل الشك الأصول التي تعم بها البلوى قبل الشروع في الصلاة وإن لم تحصل الحاجة إليها؛ لأن طروءها في أثناء الصلاة يمنع من تعلمها حينئذ؛ لتحريم قطعها والاستمرار عليها من غير أن يعلم الحكم به، وفي تأثير تركه في
صفحہ 50