معرفته الأحكام عن استنباط فينتفي الاجتهاد، ولا أخذه عن مستنبط حتى يكون مقلدا، وإنما أخذه عمن لا ينطق عن الهوى، وهو مأخوذ عن صاحب الوحي (عليه السلام) بغير واسطة أو بواسطة معصوم، أو ما في حكم ذلك، ولا يتغير حكمه بموته.
ومن لا يمكنه الوصول إليه على ذلك الوجه ففرضه الأخذ بالاجتهاد إن كان من أهله، والتقليد لأهله إن لم يكن، كما مر (1).
الثالث: في قوله في المجتهد [ (وفرضه) وقوله في المقلد: (ويكفيه) إشارة لطيفة إلى الفرق بين المرتبتين]
(وفرضه) وقوله في المقلد: (ويكفيه) إشارة لطيفة إلى الفرق بين المرتبتين، وأن الاجتهاد أشد مؤنة وأكثر مشقة من التقليد، فإن الاجتهاد مأخوذ من الجهد والمشقة كما مر (2)، فناسبه التعبير عنه بالفرض الواجب، وهو الأمر الذي لا يجوز العدول عنه إلى غيره مما هو أخف منه، بخلاف التقليد فإنه أمر سهل لا يتوقف على تجشم كلفة، فلذا عبر فيه بقوله: (ويكفيه) الدال على التنزل إلى أمر سهل دون الأول، وهو نوع من اللطف.
الرابع: يستفاد من قوله [ (على كل فعل من أفعالها) أن الاجتهاد لا يتجزأ]
(على كل فعل من أفعالها) أن الاجتهاد لا يتجزأ، وإلا لكان هنا قسم ثالث، وهو الاستدلال على بعض أفعالها والتقليد في البعض الآخر.
والأصح جواز التجزؤ فيثبت القسم الثالث، وقد كاد أن يكون النزاع في المسألة لفظيا، وتحقيق المسألة في الأصول.
الخامس: في قوله أيضا [ (وفرضه. إلى آخره) إشارة إلى أن المجتهد لا يسوغ له ترك الاجتهاد والرجوع إلى التقليد]
(وفرضه. إلى آخره) إشارة إلى أن المجتهد لا يسوغ له ترك الاجتهاد والرجوع إلى التقليد، كما هو القول الصحيح للأصوليين.
وبيان ذلك أن المراد بالمجتهد المتهيئ لمعرفة الأحكام ولو بالقوة القريبة من الفعل، كما مر (3)، فيشمل حكمه بوجوب الاستدلال من قد نظر في المسألة بالفعل ومن لم ينظر مع التهيئة له كذلك.
السادس: في تعليقه الاستدلال على أفعال الصلاة دون ذاتها إشارة إلى أن محل الاجتهاد هو الفروع الشرعية
التي لم تعلم ضرورة من الدين، فلا يسمى الاستدلال على
صفحہ 49