لجاز أن يكون ذلك في مثله مما استثناه الله عز وجل في كتابه وأوجبه في إيجابه، وهو أكثر من أن يذكر هاهنا أو يرى مما إذا وجه على هذا الوجه الذي وجهه هؤلاء، عاد الحلال به حراما والحرام حلالا والعذاب رحمة والرحمة عذابا والصواب خطأ والخطأ صوابا.
ويقال لهذا القائل: أفترى أن الله عز وجل رخص بهذا القول في عداوة القربى وبغضهم؟
فإن قال: لا، نقض قوله، وإن قال: نعم، سئل عما أوجب ذلك لهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله ووجبت بغضهم وعداوتهم، ولا أحسب أحدا يقول ذلك، وهذا من أبعد تأويل وأضعف قول قيل.
وقال آخرون قوله: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا: كانت للنبي صلى الله عليه وآله قرابة في كل العرب فسألهم أن يودوه لقرابته منهم (1).
وهذا قول من لم يتدبر قول الله جل ذكره كما أمره به، فلم يقتصر الله عز وجل في هذا القول على العرب خاصة فيكون ما قاله هذا القائل، بل عم بذلك جميع المؤمنين من الناس كافة، لأنه إنما قال عز وجل: ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فدخل في هذه المخاطبة من المؤمنين جميع العرب وغيرهم، فدل ذلك على إبطال تأويل من تأول هذا التأويل الذي ذكرناه.
وقال آخرون: نسخ هذه الآية قوله: قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله (2).
صفحہ 17