فحكموا بنسخ ما جعله الله عز وجل فضلا لرسوله، وأوجبه من مودة أولي القربى منه، وهذا تجاسر على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى آله، وليست من هاتين الآيتين بحمد الله ناسخة ولا منسوخة، بل كلاهما من المحكم والله أعلم، وليس ينبغي أن يقطع بالقول على إبطال شيء من القرآن بتوهم متوهم ولا برأي ذي رأي، وإثبات ذلك يوجد السبيل إليه.
وقوله عز وجل: قل ما سألتكم من أجر يعني في مودة القربى فهو لكم، أي تؤجرون فيه وتثابون عليه، لا أنه لي، وأجري أنا على الله، هذا إن كانت هذه الآية نزلت بعدها.
وإن كانت قبلها، فالأول لا ينسخ الآخر مع أن الله عز وجل قد بين هذا الذي اختلفوا فيه من هذا التأويل، على لسان الرسول الذي تعبده ببيان ما أنزل الله عليه، وذلك ما يبطل قول كل متأول خالفه بلا اختلاف بين المسلمين فيه.
ويؤيد ما قدمنا ذكره وذهبنا إليه، قول من جامعنا من العامة عليه، فقد قال قوم من العامة كقولنا: هي فريضة من الله عز وجل، يعنون مودة قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله. وقالوا:
إن الآية محكمة، ورووا عن عبد الله بن عباس، وذكروه في التفسير عنه أن قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت هذه الآية: قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .
صفحہ 18