وإني مورد نص البيهقي بسنده؛ ليكون القارئ على بينة من أمره. قال البيهقي ٣/ ٢٩١: «قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي، ﵀، عن الزبير بن عبد الواحد، قال: حدثني محمد بن سعيد، قال: حدثنا الفريابي - يعني أبا سعيد - قال:
قال الربيع بن سليمان: أقام الشافعي ها هنا أربع سنين، فأملى ألفا وخمسمائة ورقة.
وخرج كتاب «الأم» ألفي ورقة.
وكتاب السنن، وأشياء كثيرة، كلها في أربع سنين».
وما أظن المنكرين وتابعيهم بغير إحسان يجادلون البيهقي فيما قرأ وروى أو يمارون الربيع فيما شهد ورأى.
وأي شهادة أكبر عند العقلاء من شهادة الربيع بأن الشافعي هو الذي ألف كتاب الأم كله، وأنه سطره في ألفي ورقة؟
ولقد أحسن البيهقي صنعا في سرده لأسماء الكتب التي اشتمل عليها «الأم» ١/ ٥٤٧ - ٢٥٤ وصدر سرده بقوله: «ومن الكتب التي هي مصنفة في الفروع، وهي التي تعرف بالأم. . . .»
وتسمية البيهقي لأسماء «كتب الأم» لها خطرها وقدرها، ولا مناص من تصديقه فيما قال؛ لأنه رجل جمع كتب الشافعي وأنفق حياته في درسها وترتيبها وتصنيفها، والانتصار لحديثها، ونشرها بين الناس، واتخاذها أساسا لمصنفاته حتى بالغ إمام الحرمين في قوله عنه: «ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة
المقدمة / 41