وكان تبع الأول من الخمسة التي كانت لهم الدنيا بأسرها فسار في الآفاق وكان يختار من كل بلدة عشرة أنفس من حكمائهم، فلما وصل إلى مكة كان معه أربعة آلاف رجل من العلماء فلم يعظمه أهل مكة فغضب عليهم وقال لوزيره عميا ريسا في ذلك فقال الوزير: انهم جاهلون ويعجبون بهذا البيت، فعزم الملك في نفسه أن يخربها ويقتل أهلها فأخذه الله بالصدام (1) وفتح من عينيه واذنيه وأنفه وفمه ماء منتنا عجزت الأطباء عنه وقالوا: هذا أمر سماوي، وتفرقوا.
فلما أمسى جاء عالم إلى وزيره وأسر إليه: إن صدق الأمير بنيته عالجته، فاستأذن الوزير له فلما خلا به قال له: هل أنت نويت في هذا البيت أمرا؟ قال: كذا وكذا فقال العالم: تب من ذلك ولك خير الدنيا والآخرة، فقال: قد تبت مما كنت نويت فعوفي في الساعة فآمن بالله وبإبراهيم الخليل، وخلع على الكعبة سبعة أثواب، وهو أول من؟؟ الكعبة، وخرج إلى يثرب ويثرب هي أرض فيها عين ماء، فاعتزل من بين أربعة آلاف رجل عالم أربعمائة رجل عالم على أنهم يسكنون فيها وجاؤا إلى باب الملك وقالوا: انا خرجنا من بلداننا وطفنا مع الملك زمانا وجئنا إلى هذا المقام إلى أن نموت فيه، فقال الوزير: ما الحكمة في ذلك؟ قالوا: اعلم أيها الوزير ان شرف هذا البيت بشرف محمد صاحب القرآن والقبلة واللواء والمنبر مولده بمكة وهجرته إلى ههنا وانا على رجاء أن ندركه أو يدركه أولادنا، فلما سمع الملك ذلك تفكر أن يقيم معهم سنة رجاء أن يدرك محمدا، وأمر أن يبنوا أربعمائة دار لكل واحد دارا وزوج كل واحد منهم بجارية معتقة وأعطى لكل واحد منهم مالا جزيلا.
ابن بابويه في كتاب النبوة أنه قال أبو عبد الله (ع): ان تبعا (2) قال للأوس والخزرج: كونوا ههنا حتى يخرج هذا النبي اما أنا لو أدركته لخدمته ولخرجت معه. وروي أنه قال:
قالوا بمكة بيت مال داثر * وكنوزه من لؤلؤ وزبرجد بادرت أمرا حال ربي دونه * والله يدفع عن خراب المسجد فتركت فيه من رجالي عصبة * نجبا ذوي حسب ورب محمد وكتب كتابا إلى النبي عليه السلام يذكر فيه إيمانه وإسلامه وانه من أمته
صفحہ 17