============================================================
37 الخنزير * وقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال انما حرم من الميتة اكلها ثم انه حرم لبسها قبل الدباغء وهذا وجه قوله فى حديث عبد الله بن عكيم كنت رخصت لكم فى جلود الميتة فاذا جاءكم كتابى هذا فلا تلتفعوا من الميتة ياهاب ولا عصب فان الرخصة متقدمة كانت فى الانتفاع بالجلود بلا دباغ كما ذهب اليه طائفة من السلف فرفع النهى عما أرخص فاما الانتفاع بها بعد الدباغ فلم ينه عنه قط ولهذا كان آخر الروايتين عن أحمد أن الدباغ مطهر الجلود الميتة لكن هل يقوم مقام الزكاة او مقام الحياة فيطهر جلد المأكول او جلد ماكان طاهرا فى الحياة دون ماسوى ذلك على وجهين أصحهما الاول فيطهر بالدباغ ما تطهره الزكاة لنهيه صلى الله عليه وسلم في حديث عن جلود السباع وأيضا فان استعمال الخمر فى إطفاء الحريق ونحو ذلك سلمه المنازعون مع ان الامر بمجانبة الخمر أعظم فاذا جاز اتلاف الخمر بما فيه منفعة فاتلاف النجاسات بما فيه منفعة اولى ولانهم سلموا جواز طعام الميتة للبزاة والصقور فاستعمالها فى النار اولى * واما قول القائل هذا مظنة ملابستها فيقال ملابسة النجاسة للحاجة جائر اذا طهر بدنه وثيابه عند الصلاة ونحوها كما يجوز الاستنجاء بالماء مع مباشرة النجاسة ولا يكره ذلك على اصح الروايتين عن أحمد وهو قول اكثر الفقهاء* والرواية الثانية يكره ذلك بل يستعمل الحجر او يجمع بينهما والمشهور ان الاقتصار على الماء أفضل وان كان فيه مباشرتها * وفى استعمال جلود الميتة اذا لم يقل بطهارتها فى اليابسات روايتان أصحهما جواز ذلك وان قيل انه يكره فالكراهة تزول بالحاجة * وأما قوله هذا يفضى الى التلوث بدخان النجاسة فهذا مبنى على الاصل الثانى وهو ان النجاسة فى الملاحة اذا صارت ملحا ونحوذلك فهل هى نجسة ام لا على قولين مشهورين للعلماء هما روايتان عن أحمد نص عليهما فى الخنزير المشوى فى التنور هل تطهر النار مالصق به ام يحتاج الى غسل ما اصابه منه على روايتين منصوصتين (احداهما) هى نجسة وهذا مذهب الشافعى واكثر أصحاب أحمد واحد قولى اصحاب مالك. وهؤلاء يقولون لا يطهر من النجاسة بالاستحالة الا الخرة المنتقلة بنفسها والجلد المد بوغ اذا قيل ان الدبغ احالة لا ازالة (والقول الثانى) وهو مذهب أبي حنيفة واحد قولى المالكية وغيرهم انها لاتقى نجسة وهذا هو الصواب فان هذه الأعيان لم يناولها نص التحريم لا لفظا ولا معنى وليست فى معنى النصوص بل هى اعيان طيبة فيتناولها نص التعليل وهي اولى بذلك من الخر المنقلبة بنفسها وما ذكروه من الفرق بان الخر نجست
صفحہ 56