وكذلك ذبح الذبائح، لما كانت غالبا لتغذي الأبدان، شرعت النية في الضحايا والهدايا لتمييز القربة عن غيرها، فإن كانت العبادة غير ملتبسة بالعادة، لم تحتج إلى النية - كالإيمان، والعرفان، والخوف، والرجاء، وأمثال ذلك، لأنها متميزة لله عز وجل بصورتها. وكذلك التسبيح، وسائر الأذكار، والأذان، وتلاوة القران، لا يحتاج شي منها إلى نية التقرب، بل إلى مجرد القصد له . ولهذا لما كان الركوع والسجود في الصلاة غير ملتبسين بغيرهما، لم يجب فيهما ذكر، بخلاف القيام والقعود في التشهد، فإن كلا منهما ملتبس بالعادة فوجب في القيام القراءة، وفي القعود التشهد اليتميز عن العادة.
وأما مثال تمييز رتب العبادات بعضها عن بعض، فكالصلاة تنقسم إلى فرض ونقل والنفل ينقسم إلى راتب، وغير راتب. والفرض ينقسم إلى منذور وغيره، وغير المنذور اقسم إلى ظهر، وعصر، ومغرب، وعشاء، وصبح، وإلى آداء وقضاء. فوجبت النية التمييز كل رتبة فيها عن الأخرى، ولا تكفي مجرد نية القربة مطلقا حتى تعين ما تتميز به الصلاة المفعولة عن غيرها. فلو نوى مطلق الراتبة، لم تكفه حتى يعينها بالإضافة إلى الصلاة التي شرعت تابعة لها. وكذلك في الكسوف، والاستسقاء، وصلاة العيدين، لا بدا من إضافتها إلى أسبابها لتتميز رتبها. ولم يقع في شيء من ذلك خلاف، سوى التعرض النية الأداء والقضاء.
فيه أوجه أربعة: أحدها : أنه لا يشترط ذلك بل يصح كل منهما بنية الآخر - صححه الرافعي، ونقله عن .- الأكثرين، وتابعه النوي والثاني : أنهما يشترطان.
والثالث: يشترط نية القضاء دون الأداء
نامعلوم صفحہ