بسو الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه ، وسلم، رب يسر وأعن، واختم بخير يا كريم.
الحمد لله الفاتح أبواب المعارف لطالبها، المانح أسباب العوارف لراغبها، الموضح سبل الهداية لسالك سباسبها ، المنجح مقاصد ذوي العناية في اقتفاء مذاهبها.
أحمده، والقيام بشكره من جزيل نعمه، وأستعيذ به من بأسه ونقمه، وأشهد أن لا إله إلا الل وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من هول الكرب، وتملأ له سجل المواهب إلى عقد الكرب. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، خاتم الرسل الكرام، المنير بهدا حنادس الظلام، الداعي إلى الفوز بدار السلام ، البالغ بشرفه إلى أعلى مقام صلى الله عليه وعلى آله الذين شرفوا بالانتساب إليه، وأصحابه الذين نقلوا سننه، وجاهدوا بين يديه صلاة لا يحصى عددها، ولا ينقضي أمدها، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن العلم أشرف المطالب وأعلاها، وأنجح الرغائب وأسناها، وأهم الأمور بالعناية وأولاها، وأتم العبادات أجرا وأوفاها. بين الله تعالى شرفه وفضله. وميز في الشهادة.
اله بالوحدانية حملته وأهله، واختصهم بخشيته ورفع الدرجات، وأنهم الذين يعقلون عنه.
وبت في صدورهم الآيات البينات، ونبه نبيه على فضلهم في غير ما حديث، واتفق العقلاء على أنهم القادة الأخيار في القديم والحديث.
قال تعالى: (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألبب) [الزمر:، وقال تعالى: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملكيكة وأؤلوا العلو) [آل عمران: 18].
نامعلوم صفحہ
وقال تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلمكوأ ) [فاطر: 28]، وقال سبحانه وتعالى: يرفع الله الذين *امنوا منكم والذين أوتوأ العلر درجت) [المجادلة: 11]، وقال تعالى: وتللك الأمثل نضريها للناس وما يعقلها إلا العلمون) [العنكبوت: 43]، وقال سبحانه: { بل هو مايكث بيني في صدور الزيب أوتوا العلة) (العنكبوت: 49].
وقال ه: "من سلك طريقا يطلب فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا ادرهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر". رواه أبو داود، وابن اماجه، في سننهما من حديث أبي الدرداء، بإسناد حسن. والجملة الأولى منه في الصحيح من وجه آخر.
نامعلوم صفحہ
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "لا حسد إلا في اثنتين، رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" وفي سنن ابن ماجه: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله قال: "يشفع يوم 0 القيامة ثلاثة : الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".
اقال بعض أهل العلم: أعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة.
قال أبو مسلم الخولاني رحمه الله: مثل العلماء في الأرض: مثل النجوم في السماء ،ل إذا بدت للناس اهتدوا، وإذا خفيت عليهم تحيروا، ومثل الصالحين: مثل الأميال في الأرض، ينجو بها السالك من الضلالة.
وعن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: باب من العلم نتعلمه أحث إلينا من ألف ركعة تطوع.
نامعلوم صفحہ
وعن عمر رضي الله عنه: لموت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت العاقل البصير بحلال الله وحرامه.
الى غير ذلك من الآثار الكثيرة. وما أحسن ما قاله الإمام أبو القاسم الزمخشري رحمه الله فضيلة فيها سناء وجدت العلم من هاتيك أسنى لا تعتد غير العلم ذخرأ فإن العلم كنز ليس يغنى4 ام أفضل العلوم بعد معرفة الله تعالى، معرفة تكاليفه، وأحكامه، وما يتعبد به المكلف ففي نقضه وإبرامه، وهو علم الفقه المستنبط من الكتاب والسنة، الكافل لمن قام به على الوجه المأمور به، الفوز بالجنة، لما فيه من النفع العام لجميع الأنام ، وتمييز الصحيح من الباطل، والحلال والحرام، والإرشاد إلى المطالب الدينية، والمصالح المرعية، والهدى والسداد، والأحكام المتعلقة بالعباد.
قال الله تعالى: (فلؤلانفرمن كلفرقةمنهمطآيفة ليتفقهوأفيالدبينولينذرواقومهمإذا ججوا إليهملعلهيريحذروب) (التوبة: 122].
وفي الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول: "من يردالله به خيرا يفقهه في الدين".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"
نامعلوم صفحہ
وفي جامع الترمذي : عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله الاخصلتان لا يجتمعان في منافق : حسن السمت، وفقه في الدين"(11.
وروي عنه ل أنه قال: "ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين".
وقال علي الأزدي : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن الجهاد، فقال: (ألا أدلك على ما هو خير لك من الجهاد؟ا تبني مسجدا فتعلم فيه القران والفقه في الدين).
و عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى: (وأصبر نفسك مع الذينيدعوبرتبهم بالغدوة7) والشى يرييدونوجهير) [الكهف: 28]، قال: مجالس الفقه.
وقال عطاء الخراساني في قوله : "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: يا
نامعلوم صفحہ
رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر".
قال عطاء: مجالس الذكر: هي مجالس الحلال والحرام، كيف يشتري، ويبيع ويصلي، ويصوم، وينكح، ويطلق، وأشباه هذا.
وقال سفيان بن عيينة: لم يعط أحد بعد النبوة شيئا، أفضل من العلم والفقه.
ولله در القائل: كل العلوم سوى القران مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين ولقد أحسن الآخر في قوله: الحلما بعيد عوره أنما العلم بور زاخر ليلق الفقه منه تحتوي شرف الدنيا وفوز الآخرة5 ولما كان الفقه بهذه المرتبة الشريفة، والمزايا المنيفة، كان الاهتمام به هو المقصد الأعلى، والأحرى بالتقديم والأولى. ولقد أقام الله تعالى له في كل عصر أئمة مبرزين وعلماء لقصب الستبق محرزين، فتنوعوا في تصنيفه وترصيفه وتأليفه ما بين مسهبين وموجزين. حتى إن من تصدى الآن لتصنيف كتاب، مختصر أو مطول، لم يكن له موقع ولا عليه معول، وإنما ينبغي الاهتمام بتنقيح المواضع المغفلة، وتفصيل الأمور المجملة وسلوك الطرائق التي هي في الأكثر مهملة.
نامعلوم صفحہ
وقد قال بعض الأئمة المتقدمين : الأقسام السبعة التي لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها هي: اما شيء لم يسبق إليه يخترعه، أو شيء ناقص يتممه، أو شيء مغلق يشرحه، أو شيء.
طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مصنفه يصلحه.
وكان من أحسن ما يعانيه الفقيه المتقن، والنبيه المحسن، معرفة القواعد الكلية والمقاصد المرعية، وما يتخرج من الفروع عليها، ويرجع من الشوارد المفرقة إليها. وهي الطريق التي خفيت مسالكها، وصعبت مداركها، وقل المعتني بها، وكثر تاركها، ولا يوجد امنها إلا إشارات غير مجتمعة، ومختصرات ليست بموضحة ولا مقنحة لفاستخرت الله تعالى، وسألته الهداية إلى الصواب، في جمع هذا الكتاب، الممي القشر عن اللباب، في هذا النوع البديع، والأسلوب الصنيع، ذاكرا من ذلك ما يسر له عالى الوصول إليه من المسائل المخرجة على قواعد أصول الفقه، أو القواعد الفقهية ومن المسائل المتشابهة في المعنى، والتي يرجع الخلاف فيها إلى أصل واحد، أو ينظر إحداهما بالأخرى، ومن الأقسام الجامعة لمواقع معتبرة من الفقه، ومن المسائل النادرة اي شذت عن النظائر، واستثنيت من القواعد. إلى غير ذلك من النكت الفائقة والطائف الرائقة، غير مدع استيعاب هذه الأنواع ولا مقاربته، بل أثبت فيه ما أمكن الوقوف عليه واستحضاره، ونبهت بما ذكرته على ما عداه لمن يظفر به، فيلحقه بنظائره ويرصعه مع جواهره.
والذي بعثني على جمع هذا الكتاب، ما وقفت عليه من تعليق في هذا المعنى للعلامة الأوحد صدر السدين أبي عبد الله بن
نامعلوم صفحہ
المرجل، أحد الأئمة الذين رأيتهم وسماه بالأشباه والنظائر، وتمم عليه ابن أخيه، صاحبنا العلامة زين الدين، رحمهما الله تعالى عدة مسائل. فضممت الى ذلك ما يشبهه من كتاب التلخيص للإمام أبي عباس أحمد بن القاص الطبري، وما وقفت عليه من بعض شروحه، وكتاب الرونق المنسوب إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكتاب اللباب، للإمام أبي الحسن
نامعلوم صفحہ
المحاملي، وكتاب القواعد الذي اخترعه شيخ الإسلام، عزالدين بن عبد السلام رحمه الله، وهو الكتاب الذي لا نظير له في بابه، وكتاب الفروق(14 بين الواعد، للعلامة شهاب الدين القرافي، وما أكثر فوائده، إلى ما علقته عن شيخينا العلامتين الرباني أبي إسحاق الفزاري، وشيخ الإسلام أبي المعالي الأنصاري
نامعلوم صفحہ
في ذلك كله الاختصار. والإشارة إلى رؤوس المسائل، دون الاحتجاج وتقرير الدلائل، إلا في مواضع يسيرة جدا، فإن ذلك مقرر في مواضعه.
وبدأت أولا، بالضابط الجامع لأبواب الفقه كلها، الذي أملاه علي ارتجالا شيخنا إمام الأئمة أبو المعالي - رحمه الله - وما يشبههه في بعضها، ثم بتقسيم لأبواب الفقه كلها بالنسبة الى نوعي الحكم الشرعي، من خطاب التكليف، وخطاب الوضع، ثم ذكرت القواعد الخمس، التي ترجع جميع مسائل الفقه إليها، مع بيان ذلك، والإشارة إلى قطعة من مسائلها، ثم سردت بعد ذلك القواعد، مبتدئا بالأهم فالأهم منها، ثم ختمت بالمسائل المنفردة عن أصولها، وما أشبه ذلك.
وبالله تعالى أستعين وأعتضد، وعليه أتوكل وأعتمد، وإياه أسأل الإعانة والتوفيق للصواب والإبانة. وإليه أرغب في النفع بذلك في الدنيا والآخرة، وأن يبقى عملا صالحا بعد النزول في الحافرة، وأن لا يجعل صفقتنا في العلم خاسرة، بمنه، وطوله، وقوته، وحوله، إنهل
فصل
ابالاجابة جدير، وهو على ما يشاء قدير.
الفقه : هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المكتسبة عن أدلتها التفصيلية وبيان هذا قرر في موضعه.
وهذه الأحكام منحصرة في جلب المصالح، ودرء المفاسد، لأن الشريعة كلها مبنية على الذلك. أما جلب المصالح: فإما أن يكون المقصود الأعظم من تحصيلها في الآخرة، أو في الدنيا.
أما النوع الأول: فهي العبادات بأنواعها.
فمنها: الصلوات المشروعة بأنواعها، وشروطها، وسوابقها، ولواحقها، ويدخل في لك أبواب الطهارات كلها، ومقدمات صلاة الجنازة، من غسل الميت، وتطهيره، وما ايستتبعه من الكفن، والدفن، والتعزية.
نامعلوم صفحہ
ومنها: الزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والعتق بأنواعه - من المنجز، والتدبير والكتابة، وأم الولد، والضحايا، والنذور، وسائر أعمال البر وما يتعلق بذلك.
والنوع الثاني : الذي يكون المقصود الأعظم من تحصيله في الدنيا - هو المعاملات - وهو على ضربين أحدهما: أن تكون المنافع مقصودة فيه بالأصالة .
والثاني : أن تكون مقصودة فيه بالتبعية.
فالأول: هو الحاصل من طرق الحواس الخمس وهي : المذوقات، والملموسات والمبصرات، والمسموعات، والمشمومات أما المذوقات: فيدخل فيه أبواب الأطعمة والأشربة، والطعام إما نبات أو حيوان اوالحيوان لا يؤكل إلا بعد الذبح فاستدعى ذلك أبواب الصيد والذبائح.
وأما الملموسات: فمنها الوقاع، والكلام فيه من أربعة أوجه: أحدها: فيما يفيد حله، وذلك أبواب النكاح وشروط صحته.
وثأنيها: فيما يمنع انعقاد سبب حله، وهو المحرمية، والحصاهرة، والرضاع، وبعض أانواع اختلاف الدين - كالمجوسية، والوثنية - واستتبع ذلك أنكحة المشركين.
وثالثها: فيما يفيد تحريمه إلزاما، وذلك إما مع بقاء السبب، وهو الظهار والإيلاء، أو مع زوال السبب. وهو إما مؤبد - كاللعان - أو غير مؤبد - كالطلاق
نامعلوم صفحہ
والخلع والردة-.
ورابعها: فيما يبحث فيه عن لوازمه، كالصداق، والنفقات، والسكنى، والقسم، والنشوز، والعدد، والاستبراء، وقد يجيء هذان فيما يمنع انعقاد سبب الحل أيضا.
ومن أحكام الملموسات أيضا : ما يحل لبسه وما يحرم، وما يحل استعماله وما يحرم كاواني الذهب والفضة، وطهارة الجلود بالدباغ وما لا يطهر.
وأما المبصرات فهي من توابع أحكام النكاح أيضا، وملك اليمين، ومعرفة المحارم وما ايتعلق بذلك من حل النظر وتحريمه.
وأما المسموعات: فهي الغناء وما يتعلق بذلك من الدف، واليراع، والوتر، وما يترتب على سامع ذلك وفاعله، وحكم الاته المتخذة له.
وأما المشمومات: فليس في الفقه ما يتعلق بها، سوى نبذة يسيرة من محظورات الإحرام.
وأما الضرب الثاني: وهو ما المنافع مقصودة فيه بالتبعية، لكونها وسائل ومقاصد إلى الضرب الأول. فهي : الأموال. والبحث عنها من ثلاثة أوجه: أحدها : فيما يفيد الملك . وهو إما أن يكون بمعاوضة، أو بغير معاوضة.
فالأول: هو البيع وما في معناه، والبيع: إما بيع الأعيان، أو بيع المنافع، وبيع الميس، طبعة دار القلم سنة 1406ه - 1986م.
نامعلوم صفحہ
الأعيان : إما بيع العين بالعين، أو بيعها بالدين - وهو المؤجل - أو بيع الدين بها- وهو السلم-.
وبيع المنافع يدخل فيه: الإجارة، والجعالة، والمضاربة، والمساقاة.
وأما ما يفيد الملك بغير معاوضة، فيدخل فيه : الإرث، والوصية، والهبة، والوقف واحياء الموات، والالتقاط ، والعوض في المسابقة، وأخذ الفيء، والغنيمة، وأخذ الزكاة، وما في معناها.
والوجه الثاني: فيما يفيد التسلط على ملك الغير. إما بالتملك - كالشفعة
نامعلوم صفحہ
ورجوع البائع في عين متاعه عند فلس المشتري، أو موته، أو بالتصرف - كالوكالة والشركة، والعارية - ، أو بوضع اليد - كالوديعة - .
والثالث: في أسباب تمنع المالك من التصرف في ملكه - كالرهن والتفليس والحجر.
فهذا ضبط الأحكام في جلب المصالح.
وأما دفع المضار، فنقول: المضار إما أن يكون المقصود الأعظم من دفعها في الآخرة أو في الدنيا.
فالأول: هو الكفارات - مثل كفارة الظهار، واليمين، والقتل - وكفارة اليمين متوقفة على امعرفة ما يكون يمينا، وما يقع به الحفث، واستدعى ذلك كتاب الأيمان.
والضرب الثاني: هو أقسام المضار الخمس الضرورية، وهي : مضرة النفوس والأديان، والأموال، والأنساب، والعقول.
فيدخل في الأول: أحكام القصاص في النفس والطرف، وأحكام الدية فيهما، اوما يتعلق بذلك ويدخل في الثاني: أحكام الكفر والإسلام، وما به يصير الشخص مسلما أو كافرا ، وأحكام الردة. ومن يقو على دينه من الكفار بالجزية، وما يتعلق به من الأحكام ، ويتصل بذلك عقد الهدنة أيضا.
ط. مصطفى البابي، ونهاية المحتاج للرملي 194طبعة الميمنة المصرية.
نامعلوم صفحہ
ويدخل في الثالث: أحكام الغصب، إن كان أخذ المال بالإعلان، وأحكام السرقة إن كان أخذه بالخفية، وأحكام قطع الطريق إن كان أخذه بالحرابة، ويتصل به وبالأول أيضا أحكام دفع الصائل.
ويدخل في الرابع: أحكام تحريم الزنى واللواط، والعقوبة المشروعة فيهما، وحد القذف. وما يلحق من النسب وما لا يلحق، ويتصل به أيضا، أحكام العدد والاستبراء. وقد تقدم.
ويدخل في الخامس: حد الشرب، وبيان المحرم من الأشربة من غيره.
ولما كان كل أحد لا يمكنه استيفاء حقوقه من جلب المصالح، ودفع المفاسد بنفسه احتيج إلى نصب الإمام، لتنفيذ الأحكام، وإيصال الحقوق إلى أهلها، والأخذ على يد الظالم.
ولما كان الإمام لا يمكنه القيام بجميع أمور العالم، احتاج إلى نواب، وهم الأمراء والقضاة فاستدعى ذلك، ذكر أحكام الإمام ونوابه والقضاة.
ولما لم يقبل قول الإنسان على الغير إلا بحجة، احتيج إلى الكلام في الحجة، وهي : إما أن تكون من نفس ذلك الغير، كالإقرار واليمين المردودة، أو من غيره، كالشهادة واستدعى ذلك الكلام في أحكام الشهود، وتعارض البينات، وكيفية الدعاوى، وفيما يقوم ام قام البينة - كاليمين في القسامة وغيرها - فهذا تقسيم حاور4) لجميع آبواب الفقه، مع انتشارها وكثرتها، وبالله التوفيق.
وهناك تقسيم آخر في ضبط أبواب المعاملات ذكره الشيخ عزالدين بن عبد السلام مختصر. ومجموع ذلك لا يخرج عن عشرة أنواع، وهي : نقل، وإسقاط، وقبض
صفحہ 19
وإقباض، والتزام، وإذن، وخلط، وملك، وتمليك، واختصاص.
النوع الأول: النقل: وهو ضربان: أحدهما: بعوض، والآخر: بغير عوض.
فالضرب الأول: النقل بعوض، وهو أقسام: أحدها: البيع بأنواعه، ومتعلقاته، من الأركان، والشروط، والأحكام.
وثانيها: السلم، وحقيقته : بيع دين في الذمة بعين مقبوضة، أو بثمن في الذمة لكن مقبوض في المجلس.
وثالثها: الإجارة، وهي بيع المنافع المتجددة وقتأ معينا بعوض معين.
ورابعها: المساقاة، والمزارعة التابعة لها، وهي في الحقيقة : التزام عمل بجزء شائع من الثمرة أو الزرع المعمول على تحصيله.
اقال القاضي حسين في عقد المساقاة: هو شبيه بعقود عدة، فمن حيث إنه التزام ععل في الذمة لا يبطل بموت العامل، شبيه بالسلم، ومن حيث إنه يجوز التفرق قبل القبض، شبيه ببيع العين، ومن حيث إنه معقود على عمل في شيء ببعض ما يخرج منه بيه بالقراض، ومن حيث إنه عقد لازم بعوض عن العمل يشترط فيه التأقيت، شبيه ابالإجارة.
وخامسها : القراض، وهو تعاقد على التجارة بجزء شائع من الأرباح.
وسادسها: القرض، وهو بيع عين في مقابلة دين.
وسابعها: الجعالة، وهي بذل مال في مقابلة عمل مقصود.
وثامنها: الحوالة، وهي مركبة من بيع وقبض.
وتاسعها: الصلح على فتح باب في الدرب الذي هو غير نافذ مع أهل الدرب على مال وكذلك إجراء الماء على سطح الغير ونحوه.
نامعلوم صفحہ
عاشرها : المقابلة، وحقيقتها : تراد بين العوضين مع التمكن من إمضاء العقد.
والضرب الثاني : النقل بغير عوض، وهو الهبة بأنواعها من الهدية، والعمرى والوقبى، وصدقة التطوع، ونحو ذلك، والوقف، والوصية للغير، وإعطاء الصدقات الواجبة لمستحقيها- إما من المالك أو الإمام - النوع الثاني : الإسقاط، وهو أيضا ضربان: الأول: بغير عوض، وهو الإبراء عما في الذمم من الأعيان والحقوق، وكذلك عن الأعيان التي في اليد إن قلنا: إنه تمليك.
والثاني : الإسقاط بالعوض، كالصلح عن الدين بالعين، والتقاصى بما في الذمتين عند تساوي الديون.
النوع الثالث: القبض، وهو ثلاثة أضرب: الأول: قبض بمجرد إذن الشرع دون إذن المستحق، وهو أقسام: أحدها: قبض اللقطة، وأخذ اللقيط وما معه من المال، حين يكون القابض أهلا لذلك.
وثأنيها : قبض المغصوب من الغاصب لمالكه، والولاة والحكام عند غيبة المالك.
وثالثها: قبض الأنسان حقه إذا ظفر بجنسه مما لا يقدر على خلاصه منه، أو بغير جنس حقه على قول.
ورابعها: قبض الأولياء أموال المحجور عليهم، بالصغر، أو السفه . وكذلك قبض الحكام أموال هؤلاء، وأموال الغائبين، وحفظها عليهم.
نامعلوم صفحہ
والضرب الثاني: ما يتوقف جواز قبضه على إذن مالكه، أو مستحقه، كقبض الرهون والهبات، والصدقات، والعواري، والمأخوذ بالسوم، والودائع، وسائر الأمانات.
والضرب الثالث: قبض بغير إذن من الشرع، ولا من المستحق، سواء كان القابض عالما ابتحريمه، كالغاصب، أو جاهلا بذلك - بأن يقبض مالأ يعتقده لنفسه وإذا هو لغيره - أو لا لكون القبض مقصودا - كما لو طيرت الريح ثوبا إلى حجر إنسان -.
فكل من هذه الأنواع الثلاثة مقتض لضمان العين، والمنافع، والصفات وإنما تختلف بالإئم وعدمه.
النوع الرابع : الإقباض - وهو على ضربين: الأول: أن يكون ممن عليه الحق - كإقباض المبيع، والموهوب، والمرهون، والمسلم فيه، وما أشبه ذلك -.
الثاني: أن لا يكون ممن عليه الحق، كبيع الحاكم مال المفلس، وإقباضه من له عليه دين، ثم الإقباض على أنواع كما تقدم.
النوع الخامس : الالتزام من غير بدل، وهو على ضربين: الأؤل: التزام التوثيق في الأعيان، وهو الرهن.
والثاني : التزام في الذمة، فإما أن يكون من غير ضميمة إلى ذمة أخرى، وهو الإقرار، أو امع ضميمة، وهو الضمان بأنواعه من ضمان الديون اللازمة، وضمان الدرك ، وضمان الوجه.
نامعلوم صفحہ
النوع السادس : الخلط، وهو الشركة فيما تصح الشركة أو تتصور فيه.
النوع السابع : التملك ، وهو على ثلاثة أضرب: الأول: ما صدر عن إنشاء قولي غير ما تقدم من البيع وما معه، وهو أقسام: أحدها : قبول الوصية، والهبة، والهدية، وغير ذلك.
وثانيها: الأخذ بالشفعة.
وثالثها: فسخ البيع، إما في زمن الخيار، أو بأحد الأسباب المثبتة للرد - كالعيب والخلف، والتصرية، ونحوها - ورابعها: رجوع الواهب فيما وهب لولده.
وخامسها: رجوع البائع بالعين المبيعة، عند فلس المشتري، أو موته مفلسا.
الضرب الثاني: ما صدر عن إنشاء فعلي - كإحياء الموات، وأخذ الصيد، والمعادن ل والكلأ، وسائر المباحات.
الضرب الثالث: ما جمع بين القولي والفعلي - كالغنيمة ، فإنها تملك بالاستيلاء والحيازة، واختيار التملك عند القسمة، وكاختيار التملك في اللقطة بعد التقاطها، والتعريف الشرعي بها النوع الثامن : الملك من غير فعل من أحد، وهو الإرث.
النوع التاسع : الإذن - وهو ضربان: أحدهما: ما ترجع فائدته إلى المأذون إليه، كالعواري، وكذلك القرض إذا قيل: إنه لاا احتاج إلى القبول، فهو إذن في الإتلاف بشرط الضمان لكن الراجح خلافه.
وثانيهما: ما ترجع فائدته إلى الآذن، وهو التوكيل فيما يقبل الوكالة، وكذلك الوديعة اوهي إذن في القبض أيضا.
النوع العاشر : الاختصاص، وهو ضربان: الأول: اختصاص فيما يقبل الملك - كالجلد النجس قبل الدباغ، والكلاب والعذرات ونحوها.
نامعلوم صفحہ
وثانيهما : اختصاص فيما يقبل الملك - كالاختصاص في إحياء الموات بالتحجر. هذه مجامع أنواع ريع المعاملات، وبقي منها أخذ غلة الوقف، وذلك إما أن يكون الوقف على معين، أو على جهة.
والأول : إما أن يتلقى من الواقف ابتداء، أو بواسطة، كما في البطن الثاني وما بعده.
والثاني : إما أن يكون بصفة مطلقة، كالفقر ونحو ذلك، أو في مقابلة عمل، كالتدريس.
والإمامة، وما أشبه ذلك.
فالأول: ينبني على أن الملك في الموقوف إلى من ينتقل؟ وعلى أن القبول هل اي شترط في الوقف على معين؟ فإن قلنا: إن الملك ينتقل إلى الموقوف عليه، وإنه لا بد امن قبوله، فهو من النوع السابع، وأما في البطن الثاني فيمكن أن نعد منه ضربا زائدا على الما تقدم، لأنه لا يتوقف على قول أو فعل، ويحتمل أن يعد من النوع الثامن، لقربه من الارث، لاسيما على القول بأن البطن الثاني يتلقى من البطن الأول، ويجوز أيضا أن يعد اهذا ضربا ثانيا منه.
وكذلك الضرب الأول من الوقف على الجهة - كالوقف على الهاشميين والفقراء، فيقال في هذا النوع: إن الملك على ضربين: ضرب يحصل بمجرد التبرع لا المعين، كالوقف على جهة، وضرب يحصل من غير فعل من أحد. وهو الإرث.
وأما ريع الوقف على عمل معين، كالتدريس ، مثلا، فالملك فيه يحصل بفعل ما شرطه الواقف على الوجه المأذون فيه من التولية الشرعية. ورأيت بعض شيوخنا المحققين يلحق هذا بالعوض في الجعالة، ولا شك في أنه بذلك أشبه من غيره، واله ل أعلم.
نامعلوم صفحہ