ولنوجه الكلام بما يليق بهذا المقام في مسألة الخصوص والعموم إذ عليها معظم مدار المنطوق والمفهوم، فأقول وبمادة ربي أصول: إن المعلوم من الوضع بالاتفاق دلالة صيغ العموم على جميع أفراد مدلولاتها دلالة مطابقة عند الاطلاق على سبيل الاستغراق، وليس هذا محل النزاع فيتعين الكلام عليه بالأدلة القاطعة والإجماع وقد تقرر في موضعه فيجب القطع حينئذ بحكم العقل والشرع عند العلم بإطلاق الخطاب من الحكيم أنه قصد جميع مدلولاتها وأراد كل فرد من أفراد متناولاتها وماتستلزمه من الأزمنة والأمكنة والأحوال بلا ريب في ذلك ولا احتمال إلا أن ينصب لنا على خلافه دليل أوينتهج إلى إرادة غير ما دلنا عليه سبيل تحكم كهذا الحكم به الألباب ويزول عمن طرق سمعه ذلك الشك والارتياب وأي ريب بعد ذلك يختلج أو احتمال يتردد ويعتلج ((إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)) ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)) ((ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)). ولئن تطرق إلى ماهذا شأنه الاحتمال لشبهة أنه قد كثر فيه التخصيص والقاطع بما دل عليه أتي من قبل نفسه ليتطرقن إلى كل النصوص من عموم وخصوص ويرد ماقاله الرازي إن أصرح الألفاظ النص وهو محتمل لأمور كثيره كالتحريم للنسخ والتجوز والاشتراك والإضمار والتخصيص وغير ذلك، انتهى كلامه. فيرتفع القطع بجميع خطابات الشرع.
فإن قيل: يلزم أن لايجوز تراخي التخصيص ونحوه عن الخطاب.
صفحہ 15