ابو العلاء المعری زوبعہ الدهور
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
اصناف
يقول أبو العلاء، كما مر بك: «لا طوعا أبث ولا جبرا.» والإنسان عند الفاطميين مسير ومخير: مخير فيما يحده العقل، ومسير في الأمور التي لا قبل له بها. وهذا كله محصور بكلمتهم المأثورة: «أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر تبين غيه فاجتنبوه، وأمر أشكل عليكم قال الله ردوه.»
ومرتكب الكبائر عندهم، كالقاتل والزاني، لا يسلم «الحكمة»، وإن تاب توبة نصوحا يسلم شرحها فقط.
إذا رأيت عند أبي العلاء تناقضا فاعلم أن ذلك تقية واستتار؛ فهو لا يريد، كما قال، أن يسخط جيله كل الإسخاط، فترك لهم ما يتلهون به عنه، ولكنه في كل حال لا يجحد مذهبه ولا يعترف بغيره صراحة. ومن الجنون المطبق أن نخال أبا العلاء معتقدا بالفناء، ثم يتنسك هذا النسك الصارم.
أجهل أن عقله لا يسلم بما صارت إليه حمدونة ورفيقتها توفيق السوداء ولكنه يعتقد بخلود غير خلودنا؛ ولهذا روى لنا ما خلقته مخيلته من خبر هاتين المرأتين، وإليكه كما ورد في رسالة الغفران:
ويخلو - أي ابن القارح - بحوريتين من الحور العين، فإذا بهره ما يراه من الجمال قال: اعزز علي بهلاك الكندي، إني لأذكر بكما قوله:
كدأبك من أم الحويرث نبلها
وجارتها أم الرباب بمأسل
إذا قامتا تضوع المسك منهما
نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
وأين صاحبتاه منكما؟ لا كرامة لهما ولا نعمة، لجلسة معكما بمقدار دقيقة من دقائق الدنيا خير من ملك بني آكل المرار وبني النضر بالحيرة وآل جفنة ملوك الشام.
نامعلوم صفحہ