وحتى تلك الأوقات- التى كان السلطان السعيد [أغا محمد خان القاجارى] أنار الله برهانه قد رفع فيها لواء الظفر بإخضاع مملكة أذربيجان، وقد ترك السلطان فاتح البلاد [فتح على شاه القاجارى] فى دار السلطنة إصفهان- خرج لطف على خان- الذى كان غافلا عن أمر القضاء- من شيراز برغبة تخليص العراق، ونظرا لشدة الثقة المتوفرة للحاج إبراهيم خان، سلمه فى يده مفتاح القلعة، وتحرك السلطان صاحب البلاد (فتح على شاه) من إصفهان، ورفع العلم الكاويانى فى قمشه، وحتى ذلك الحين لم يصل الأمر إلى المواجهة والمقاتلة، ووضع عبد الرحيم خان ومحمد على خان إخوان الحاج إبراهيم خان- اللذان كان لهما علم بتواطئه وفكرة إفساد معركة لطف على خان، وفى منزل سميرم، وفى الجزء المتبقى من الليلة الماضية، وضعا أساس الفتنة والاضطراب، ومالا إلى الريح المخالفة، فطافت سفينة معسكر لطف على خان فى دوامة الحيرة والاضطراب، وخرج إخوان الحاج إبراهيم خان- اللذان كانا ربانين لهذا الزورق- بمتاعيهما سالمين من هذه الورطة، وسلكا طريقهما إلى شيراز، وانضما إلى أخيهما الملحد، وصار لطف على خان غريق بحر الاضطراب والحيرة، وتولى الحاج إبراهيم خان فى ملك فارس حكم مفتاح مخازن الدولة الزندية، وجلس بنفسه واضعا رأسه على متكأ حكومة فارس، ولأنه رأى الناس حوله طوعا [ص 73] أو كرها، فقد بسط بساط الثروة لعدة أيام، إلا أنه فى النهاية، تقدم برجله مضطرا إلى ذيل طاعة الخاقان المغفور، وسلم له فى الظاهر وبقلب سليم قلعة شيراز، ولكن كان فى باطن ظنه الوصول إلى مرتبة الرئاسة الموهومة، وكان يعتقد أنه لائق وجدير بهذا الأمر العظيم. وعلى الدوام، كان فسقه ظاهرا على رأى مزين العالم السلطانى «1»، ولكن، فقد ظهرت منه فى عين المبصر للظاهر الخدمة- التى كانت فى الواقع هى الخيانة نفسها، ومن أجل صلاح أمره، فكان قد حطم ظهر الخصم الماهر بقوة الفكر الصحيح، ومن أجل إسكات لسان الخير والشر وجذب قلوب البعيد والقريب، فقد رأى التأخير فى إفنائه وإبقاء جزائه، وحتى ذلك الحين لم يصدر منه الجرم الظاهر، وفى بداية الأمر، فوض إليه بإمارة فارس، ولم يظهر هو أيضا تقصيرا من شدة العمل فى طول الأمل، فأشعل لفترة فى شيراز شرارة الظلم والتعدى وخاط بإبرة الرغبة والطمع عيون الشباب الأبرياء الباقين من الطائفة الزندية فى بعضها، وأحرق فى دفعة واحدة بيادر أرواح الأسرات القديمة فى فارس وبعدها وضع قدمه فى موطئ عرش الخلافة بمرتبة الوزارة العالية ، وتعامل بلا مروءة مع عبيد الله، وفرق الفقراء والضعفاء عن أمهاتهم وأبنائهم وأقربائهم، وأصر أكثر وأكثر على الإضرار بالناس، وكان يغرس بذور الشوك من أجل أن يمسك بذيله.
وقد وجد المنزلة والمكانة فى موقع السلطنة، وذلك عندما أسرع السلطان السعيد من دار الفناء إلى ملك البقاء، وأخذ العرش المشبه بالفلك زينته من حسن وجمال الخديو الفريد، وتفتحت بطراوة ورود شوكة الحاج إبراهيم خان فى عهد دولة السلطان صاحب البلاد، وبسبب العنايات الملكية ارتفعت رأس كل واحد من إخوته وأبنائه بحكومة إحدى الولايات، فطالت أيدى وألسنة ظلمهم وأذاهم على الناس، ولما اقترب زمن المكافات اللازم لطبيعة الدهر، وصلت تأوهات وصرخات المظلومين إلى مسامع مقيمى عتبة الجلال، ومع أن الطبع الغيور للملك راعى الرعية قد صار متغيرا من ذلك، فإنه قام ثانية بنصحه من وجه الرأفة والرقة لعله يتأثر [ص 74] فيمنع نفسه عن الظلم، ولم يقع بالنفع حبسه فى داره، وسلك الطريق نفسها فى غير الصواب.
صفحہ 105