وهذه الامراض انما تحدث عن خروج الدم اما في كميته واما في كيفيته لاكن خروجا قليلا لانه متى خرج خروجا كثيرا نسب ذلك المرض الى طبيعة الخلط الذي خرج اليه لانه اذا استحر اكثر مما ينبغي فانما يكون ذلك لمكان ظهور الخلط الصفراوي فيه ووفوره ولذلك ينسب حينئذ ذلك المرض الى ذلك الخلط وكذلك ان برد جدا ورطب ونسب الى البلغم وينبغي ان يعلم كما قلناه ان هذه الامراض البسيطة ليست موجودة عن هذه الاخلاط صرفا وبخاصة ما كان منها لا يجيب الى النضج ولا يقبله ومهمى قربت الامراض من ان توجد عنها صرفا قتلت ضرورة وبخاصة السوداوية والصفراوية اذ كانت هذه من شانها الا تقبل النضج. وانما معنى البساطة ها هنا نسبتها الى الخلط الاغلب كما ان معنى التركيب فيها انما هو نسبتها الى ظهور خلطين من هذه الاخلاط او اكثر من ذلك فيها. والامراض المتولدة عن الدم هي ايضا في الاكثر حميات واورام. والحميات المتولدة عنه صنفان اما الحميات حادثة من قبل تزيده في الكمية فقط فانه اذا تزيدت كميته جدا انسدت المسام وكثرت الحرارة فاصابت منه هذا النوع من الحمى وليس في هذه الحمى في اول حدوثها حرارة عفونية لاكن ان تروخي في علاجها حدثت فيها ضرورة وهذا الصنف من الحميات كانه متوسط بين الحمى العفونية وحمى يوم المتولدة في الارواح. والصنف الاخر من هذه الحميات هي التي تكون مع عفونة ما وهذا النوع من الحميات اعني الدموية انما تكون في العروق فقط اذ كان ليس في البدن دم الا محمول في العروق وجميعها تسمى مطبقة من قبل ان ليس لها نوايب. واما الاورام الحادثة عن هذا الخلط فمنها الورم المسمى فلغموني وحدوت هذا الورم انما يكون عن خروج هذا الخلط في الكمية اكثر ذلك وقد تعين على حدوثه الاسباب التي من خارج بمنزلة الرض والقطع وحرق النار/ وغير ذلك وهذا الورم يختلف بقدر غوره في الجسم وقلة غوره واخفه ما كان قليل الغور واما اذا كان الدم المنصب الى العضو قد خرج في كيفيته خروجا يسيرا فانه يحدت الورم المسمى جمرة خالصة وانما سميت بذلك لان ها هنا جمرات تحدث عن اختلاط الدم بالمرة الصفرا المحترقة وهو اشد اصنافها خطرا والاورام بالجملة ينبغي ان يعلم من امرها انها تختلف من جهة الاعضاء الحادثة فيها وانها متى حدثت في عضو رئيس يتبعها ضرورة مرض اخر وهو الحمى. والحميات التي تكون عن الاورام الفلغمونية عظام جدا وربما حدثت في عضو رئيسي يتبعها ضرورة مرض أخر واورام فلفمونية عظام جدا في الاباط وفي الاربيتين او خلف الاذنين فدلت على عفن عظيم في الدم وبخاصة ما كان منها في الاباط لان فضول القلب هنالك تندفع ولذلك تسمى مثل هذه الاورام طواعن وربما حدث في هذه المواضع اورام عن صربات تكون في اطراف الجسم او اورام في غيرها من المواضع وهذه فلا خطر فيها لان هذه الاماكن لما اعدتها الطبيعة مغيضا للفضول وكانت رخوة جدا صار متى اعتل عضو في البدن دفع اليها بقدر طاقته فترم هي لادنى ورم يكون في الاطراف او ما يجاورها لان في كل عضو كما قيل قوة دافعة والجدري والحصبة من الاورام الدموية وهذان النوعان من الامراض لما كان يصيبان جميع الناس في وقت النشى لم يكن يمكن ان يظن ان سبب ذلك هي الاغذية وبالجملة الاشيا التي من خارج اذ الامراض المتولدة عن هذه ليس تصيب جميع الناس وهذا المرض كانه شي طبيعي اي لاحق ولا بد فجعلوا سبب ذلك التغيير ما يكون من المادة الردية المحمولة في الدم الذي تغتذي به الحنين في زمان الحمل وهذا المرض يكون معه ضرورة حمى دموية وربما كان هذا المرض قتالا اذا كان الدم المتولد عنه دم فاسد جدا القول في الامراض المركبة المادية وينبغي ان تعلم انه قليلا ما توجد هذه الامراض التي وصفناها عن الاخلاط في الغاية من البساطة التي وصفناها وجعلناها اسبابا لمرض مرض من الامراض المتولدة عن خلط خلط بل انما تلفى اكثر ذلك مركبة من اكثر من خلط واحد من هذه الاخلاط وتركيبها يكون اما في الاورام فعلى جهة المزاج. واما الحميات فقد يكون على جهة المزاج وقد يكون على جهة التجاوز مثل ان يتفق ان يكون بانسان واحد حمى صفراوية في مكان من جسمه وحمى بلغمية في موضع اخر ويتفق ان تكون نوبتها واحدة والمختلطة منها ما هي مخضة الاختلاط ومنها ما هو اولى ان يسمى تركيبا منه اختلاطا. واذا كان ذلك كذلك اشتركت في العلامات والخواص التي تخص البسايط وهذا الامتزاج والتركيب في الاخلاط يحدث انواعا كثيرة من الاختلاط يكاد ان تكون غير متناهية ولما كانت الحمى يلفى فيها هذان الصنفان من التركيب امكن ان توجد حميات مختلطة ليس من نوعين فقط من الاخلاط بل من نوع واحد وذلك اذا كانت في موضعين من البدن مختلفين. واشهر الحميات المركبة هي الحمى المعروفة بشطر الغب وهذه اصناف وهي بالجملة انما تتولد عن البلغم والصفرا فمنها ما يتركب من حمى بلغمية في العروق وصفراوية في موضع الهضم الاخير ومنها ما يتركب عن صفراوية داخل العروق وبلغمية في موضع الهضم الاخير ومنها ما يتركب من بلغمية وصفراوية في موضع واحد وذلك اما في العروق واما في موضع الهضم الاخير والحميات تختلف بقدر الكمية والكيفية مثل الحميات التي تسمى محرقة ومثل الحمى البلغمية التي يكون فيها الحر والبرد معا في باطن الجوف وهي المتولدة عن البلغم الزجاجي ومثل الحمى البلغمية ايضا التي يحر صاحبها حرارة شديدة في باطن جوفه وملمسه فاتر وربما كان ظاهر البدن فيه برد شديد وهي تسمى الزمهريرية فهذه هي اشهر الامراض المتولدة عن الاخلاط الاربعة ولجميع هذه الامراض اوقات اربعة ابتداء وتزيد وانتهاء وانحطاط. اما زمان الابتداء فهو الزمان الذي يظهر فيه المرض بالفعل من غير ان يبدو للطبيعة فيه فعل ما فاذا ابتداء الخلط ينضج وظهر فعل الطبيعة فيه فهو زمان التزيد وانما سمي زمان التزيد لان الاعراض فيه تشتد فاذا انتهى النضج فهو زمان الانتهاء وهو اشد وقت تظهر فيه المقاومة بين المرض والخلط فاذا استولت الطبيعة على الخلط وقهرته سمي زمان الانحطاط ومن الامراض ما يتحلل الخلط فيها من غير استفراغ محسوس حتى تكون الصحة ومنها ما تتحلل فيه القوى شيا شيا حتى يؤول ذلك الى الموت. ومنها ما تكون الصحة او الموت فيها باستفراغ محسوس من الطبيعة وهو المسمى بحراقا والتي تكون الصحة به نوعان احدهما ان يكون ذلك الاستفراغ يقع فيه برء تام. والثاني ان تبقى بعد المرض بقية حتى تتحلل ويقع البرء وكذلك يوجد هذان النوعان في البحران الرديء اعني ان منه ما يقع فيه الموت دفعة ومنه ما يؤول الامر فيه بعد الى الموت والبحارين انما توجد في الاكثر في الامراض الحادة وهي الامراض التي يكون انقضاؤها في زمن يسير. ولما كانت البحارين انما تكون بعد نضج ما وذلك اما تام كما يكون في البحارين المحمودة واما غير تام وكان النضج انما يتم في زمان ما طوله على مقدار نسبة الفاعل الى القابل فانه ليس في اي زمان اتفق ينفعل اي منفعل اتفق عن اي فاعل بل لكل منفعل زمان خاص باضافة نسبة الفاعل الى المنفعل وذلك ظاهر في الامور الصناعية فان مقادير ازمنة النضج في الاشيا التي تعالج بالمهنة مختلف. ولما كان ذلك كذلك وطال احساس الاطباء للامراض وقفوا منها على الازمنة التي يكون فيها النضج اما محمودا واما مذموما وهي الايام التي تسمى ايام البحران الا انه لما كان النضج المحمود فعل تام من الطبيعة كان زمانه في الاكثر محدودا واما النضج الذي هو غير تام فله عرض فلذلك ليس صدق البحارين الغير محمودة كصدق البحارين المحمودة في الانذارات الدالة عليها. وقد راى قوم ان سبب كون هذه البحارين تجري على نظام وترتيب هو القمر وانت فينبغي لك ان تعلم انه وان كان سببا فانما هو سبب بعيد والسبب القريب في ذلك هو ما وصفناه والموت يكون في الازمنة الاربعة فقد يكون في الابتدا وذلك لغلبة الاخلاط الحرارة الغريزية واطفايها دفعة واحدة اما بكميتها واما بكيفيتها واما بكليهما وقد يكون ايضا في التزيد وفي الانتهاء وفي الانحطاط ومعنى الانحطاط في الامراض الذي يكون فيها الموت انما هو من ضعف القوة لا من ضعف المرض كالحال في الانحطاط الذي يؤل بصاحبه الى الصحة فان الانحطاط ها هنا انما هو باستيلا القوة على المرض وهذا المقدار من القول في الامراض المادية واعطا اسباب تكونها كاف بحسب غرضنا في الايجاز وينبغي ان نقول في الاصناف الغير مادية.
~~القول في الامراض الغير مادية
صفحہ 124