وسألت: وقفنا الله وإياك لمرضاته ولعلم ما أوجب الله علينا وعليك علمه من آياته عن قول الله جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، ما وجه ما أراد الله بذلك من المقال ومن أين جاز أن يقال: أبين وأشفقن السموات والأرض وهن موات لا ينطقن وشيء لا يأبا ولا يشفق فقد يحتمل وجه ما أراد الله تبارك وتعالى بذلك وتنزيله ما أبانه الله من تظليم الإنسان بما يأباه الله عليه من نيته للخيانة في الأمانات ولتأدية ما صغر حليته في الخلقة والتركيب من قدر ما ذكر الله من الخلق العجيب.
وأنت رحمك الله فقد تعلم أنك لو عرضت بفكرك وفي تقديرك ونظرك فضلا عما قد تعلمه يقينا بقلبك على ما قد تعرفه من السماوات أمانة من الأمانات لما حملتها ولا شيئا منها أذكر عندك في علمك غيرنا طقات وهن فإذا كن كذلك فهن لحمل الأمانات غير مطيقات فإذا كن من ذلك لنفس خلقهن وما بنين عليه من ضعفهن ممتنعات أفضل مما يقول به منها، قائل أو يتحير من علمائها عالم.
وقد يحتمل أيضا أن يكون إنما أريد السموات والأرض والجبال أهلهن ومن جعل ساكنا لهن مما يطيق ويأبا ويشفق كما قال أخوه يوسف واسأل العير وليسوا يريدون إبلها، فهذا وجه من الوجوه ليس بسيء ولا مكروه مفهوم معقول يجوز بمثله في العرب القول.
وسألت: عن المؤمن المهيمن فالله هو المؤمن لأوليائه من سخطه والمهيمن الشهيد، والله هو الشهيد على أعدائه بمعصيته. وأما الحما عن الضربة الموجعة فإن الله جعلها تكون من الطبيعة فالضربة من الضارب والحما فمن الطبايع الأثر وأن الحما لو كانت من الضارب لزمه فيها القصاص والقود، وهذا مما ليس يدرك حقيقته أحد، وقد قال الله سبحانه: والجروح قصاص والجروح من الجارح وليس الحما تعمل شيئا من الجوارح، فهو علم الله المعلوم.
صفحہ 38