كتاب فيه مسائل عن القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه وعلى
آبائه وأبنائه الأخيار:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وسلم، قال محمد بن القاسم رحمة الله عليه: سألت أبي القاسم بن إبراهيم عليه السلام، عن من نام ساجدا في صلاة نافلة قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا في نافلة أو فريضة، فقال: من نام في صلاته نوما كثيرا أو قليلا أو خفيفا أو ثقيلا يلتبس بعقله ويوقن به عاد لوضوئه وصلاته.
وسألته: عمن صلى أمام القبلة بصلاة الإمام، فقال: من فعل ذلك فليس في شيء من صلاة الإمام إنما يكون إماما لمن يؤمه بالاستقدام وأن يكون إن كان واحدا قائما على اليمين لا على اليسار.
وذكر أن الوليد بن يزيد قدم المدينة وهو ولي العهد بعد هشام فصلى في داره وصلى أهل المدينة في المسجد بصلاته، فأنكر الناس ذلك من فعله وكان الوليد يجعل على دار مروان خصيا يكبر بتكبيره الناس، وذكر أن عبدالعزيز بن مروان كان يصلي بأهل الاسكندرية على ظهر المسجد ويصلي الناس أسفل في المسجد بصلاته فأنكر ذلك عليه بعض العلماء، وفسرا، قد خلت من قبلكم سنن، يريد أن ذلك.
وسمعته رحمة الله عليه يقول: لا بأس أن يتيمم الذي لا يجد المآء، ثم يأخذ المصحف أو يقرأ حزبه من القرآن، لأن الله جعل التيمم لمن لم يجد الماء طهورا في الصلوات وهن من الفرائض الواجبات.
وسألته: عن قول الله سبحانه: الذين هم على صلاتهم دائمون، فقال: دائمون، هو متعاهدون مدائمون لا يصلون بعضا ويتركون بعضا، وقد قدم الله ذلك فرضا وجعل الصلاة كتابا موقوتا عددا وسجودا وقياما وقعودا فمن لم يداوم على ذلك كله ويصنع كل شيء من ذلك موضعه فليس على صلاته بدائم ولا بفرض فيها بقائم.
صفحہ 1
وسألته: هل يتوضأ للصلاة في شيء من المساجد، فقال: لا يتوضأ في شيء منها في تور ولا طست ولا غيرهما، ولقد بلغني أن القاسم بن محمد بن أبي بكر رأى رجلا تمضمض، ثم مج في المسجد فنهاه عن ذلك، فقال: إنه يفعل فيه ما هو أشد من هذا النخامة وغيرها، فقال القاسم: هذا ما لا يجوز.
وبلغني أن هشام بن عبدالملك بن مروان دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي فيه فذكر أنه على غير وضوء فأتي بتور فيه ماء وطست فتوضى في المسجد فأنكر الناس ذلك يومئذ وعظموه.
وسألته: عمن يترك الأعمال يوم الجمعة وفيها من الرجال والنساء تعظيما لها قال لقد بلغني أن بعض الصحابة كان يكره ذلك لما فيه من التشبه باليهود في ترك الأعمال يوم السبت، ولقد بلغني أن عمر بن الخطاب عاتب رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضا عن التعجيل للجمعة عاتب رجلا من فقال أهذه الساعة فقال الرجل: كنت في السوق، وهذا خلاف ترك الأعمال فيها تعظيما لها.
وسألته: رحمة الله عليه: هل تصلي نافلة أربعا معا لا تسلم في الثنتين منها. فقال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنا إلا الوتر، وتأخير الوتر لمن نوى القيام إلى آخر الليل أفضل من تعجيله ومن لم ينو القيام عجله وكان ذلك خيرصا له.
وسألته رحمة الله عليه: عن الرجل يكون في العمل فيستمر فيه، ثم يصلي كذلك، فقال: لا بأس بذلك إن شاء الله، وسمعته رضي الله عنه يقول لا بأس بالدعاء في السجود.
وسألته: رضي الله عنه عن العبد والخصي يؤمان الناس في الصلاة، فقال: لا بأس بذلك إذا ثبت لهما اسم الإيمان وحكمه، وسمعته رحمة الله عليه يقول كان الميسر فيما بلغني وفيما يذكر في الجاهلية أربعة أشياء فإثنان منها على وجه التأله والعبادة، وهما الأنصاب والأزلام واثنان من الباطل وهما الخمر والقمار فالخمر والميسر اليوم في الإسلام أكثر من أن يحصى منه اللعب بالحمام، وكذلك كل ما ماثله في المقامرة من الأمثال.
صفحہ 2
وقد بلغني أن أهل الجاهلية يتراهنون ليلة البدر أيهما يسبق الشمس أو القمر قال: وكانوا يتبايعون الجزور بالمائة درهم ثم يجزؤنها أجزاء ويتساهمون على تلك الأجزاء فأيهم ما خرج سهمه أولا أخذ أفضل الأجزاء فظلا، ثم الذي يليه كذلك وأخذ أخرهم شر تلك الأخر أو القسوم، وكان عليه ثمن تلك الجزور.
قال: والأزلام ثلاثة قداح في أحدها أن إفعل وفي الأخر لا تفعل والمغفل لا القدح الثالث ليس فيه وإن خرج الذي فيه أن إفعل فعل وإن خرج أن لا تفعل لم يفعل وإن خرج الغفل أعاد....الخ فضرب.
وسألته: عمن يصلي وحده بين الصفوف، فقال: بئس ما صنع وصلة الصفوف أفضل وليس يجب عليه إعادة صلاته وإن فعل، وقال رحمة الله عليه: ومن خرج مسافرا من أهله حتى يستتر عنه بيوت قريته، ثم أقام لانتظار أصحابه وبعض حاجته أنه يقصر صلاته في مقامه قصر المسافر في سفره.
وسألته: عن السجود على كور العمامة، فقال: لا بأس به إذا سجد على بعض جبهته.
وسألته: هل يجوز للرجل يصلى ومعه جلد فأرة مسك، فقال: لا إلا أن تكون ذكية غير ميتة لأنها دآبة تحيا وتموت، وهي شبيهة بالثعلب، وقد كانت منها دابة لمحمد القاسم وقعت عندنا وصارت إلينا، ثم ماتت بعد مقام طويل وأخذ منها مسك كثير غير قليل.
وسألته: عن ثوب يصيب ناحية منه بول أيغسل الثوب كله أم يغسل الناحية التي أصابها البول منه، فقال: إن علمت الناحية وعرفت غسلت وحدها واكتفى بذلك، وإن لم تعرف الناحية غسل الثوب كله بالماء.
وسألته: عمن يصلي ويعد بأصابعه الآيات في صلاته، فقال: لا بأس بذلك إن شاء الله، وسألته: هل ينقش في الخواتيم شيء من القرآن، فقال: القرآن خير ما نقش فيها وفي غيرها ولا بأس بنقش القرآن فيها، وقد كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه (محمد رسول الله)، وهذا من القرآن وقال في مسح الأذنين يمسح ظاهرهما وباطنهما.
صفحہ 3
وسألته: عن تخليل اللحية بالماء، فقال: تخلل اللحية وتغسل مع الوجه غسلا ويفرغ عليها الماء كما يفرغ عليه إفراغا.
وسألته: هل على النساء تكبير أيام التشريق بعد الصلاة?، فقال: عليهن التكبير كما على الرجال.
وسألته: عمن قرأ سجدة من القرآن فسجد هل يكبر حين يسجد وحين يرفع؟ فقال: يفعل وذلك أفضل لما فيه من ذكر الله وما يفعل من غيره في الصلاة كلها لله.
وسألته: عن الصلاة في السراويل والرداء فقال: لا بأس إن شاء الله. وسمعته رضي الله عنه يقول: لا بأس بالصلاة في الإزار والعمامة.
وسألته: عن الرجل يكتب العلم وفيه ذكر الله والرسالة هل يكتب في ذلك: بسم الله الرحمن الرحيم وهو جنب ? فقال: لا يكتب شيئا من القرآن، وبسم الله الرحمن الرحيم لاشك من القرآن زائدة.
وسألته: عن الصلاة تحت السقايف في المسجد الحرام? فقال: التقدم إلى البيت والدنو منه أفضل، إلا أن يخشى الشمس إن ظهر لها عينا أو لها ضررا.
وسألته: عن من صلى والناس يطوفون حول البيت فيمرون عليه بين يديه؟ فقال: لا بأس عليه في ذلك.
وسألته: عن غسل الجمعة أواجب هو، فقال: غسل الجمعة من السنة ومن الأمر بالمعروف، وليس وجوبه وجوب الفرائض.
وسألته: عن من نسي التشهد مع إمام يؤمه، فقال: يتشهد إذا سلم الإمام ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم.
وسألته: عن مسافر شغل في جهازه لسفره حتى خرج، وقد صليت العصر من قريته وتوارت عنه بيوت أهله وقريته، فقال: يصلي العصر ركعتين.
وسألته: عن من يحول خاتمة في أصابعه ليحصص به صلاته، وطوافه بالبيت ? فقال: لا بأس بذلك وهو من المحافظة عليهما وحسن العناية بهما إن شاء الله.
وسألته: عن من الصق قرطاسا بدواء على صدغية لصداع بجده ينزعه عند الوضوء ؟ فقال: إن كان يخاف أن يضره فليمز عليه الماء وإن كان شيئا لا يخاف ضره فليترعه وكذلك الجراح والكسر.
صفحہ 4
وسألته عن الرجل يصلي بعد الوتر فقال: لا بأس بذلك إن بداله. وسألته: عن التكبير أيام التشريق في المجالس، فقال: الكبير وذكر الله حسن في كل مكان، وعلى كل حال والتكبير لازم في أيام التشريق خلف الطواف.
وسألته: رحمة الله عليه عمن كان في طريق فيه اللصوص والخوف هل يجوز أن يخفف صلاته فقال رب تخفيف، لا ينقص الصلاة فذلك جائز له ورب تخفيف ينقصها فما كان من ذلك فلا يجوز له أن يفعل.
وسألته: عن من تمضمض فأدخل أصبعه في فيه يدلك بها أسنانه أيعيد أصبعه تلك في ما يتوضى من الماء، قال: لا بأس بذلك.
وسألته: رحمة الله عليه عن القراءة بالألحان للقرآن? فقال: أما لحن طرب أو عبث فلا يقرى به ولكن يقرئ بالحنين والأحزان، وقد ذكر أن الله أوحى إلى موسى بن عمران أن صلى الله عليه يا موسى إذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الذليل، وإذا قرأت التوراة فأقرأها بصوت حزين.
وسألته: عن أجرة المعلمين للغلمان على ما يتعلمون منهم من القرآن، فقال: كل من أدركنا من آل محمد صلى الله عليه وعلى آله ومن فقهاء المدينة فكلهم لا يرى به بأسا.
وسألته: رحمة الله عليه هل تجهر النساء بالتكبير في أيام التشرين? فقال: لا يجهرن ولا يرفعن أصواتهن ويكون تكبيرهن قدر ما يسمعن أنفسهن.
وسألته: عن المرأة يطول بها الدم كم تترك الصلاة فقال: تترك الصلاة قدر أيام أقرائها التي عرفتها، ثم تغتسل وتوضى لكل صلاة إن شاء الله تصليها.
وسألته: هل يستنجي أحد وفي شماله خاتم فيه ذكر الله? فقال: ترك ذلك أفضل وأحب إلى ألا يفعل قلت فيتحرك المتوضئ خاتمة عند الوضوء ليصل الماء إلى ما تحته، فقال: يحركه أبلغ في طهارته.
وسألت: أبي رحمة الله عليه: عن من يحك جسده ويدخل يده نحو صدره وهو في الصلاة? فقال: يسكن الأطراف كلها أمثل، وإن حكه شيء أو آذاه نحاه.
صفحہ 5
وسألته: عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه هل زوج ابنته عمر بن الخطاب، فقال: خبر من الأخبار قد ذكر ولا يدرى ما حقيقته.
وسألته: عن ولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فريضة من الله كالفرائض، فقال: موالاة علي بن أبي طالب أكبر الفرائض واجبة من الله ورسوله على كل مسلم.
وسألته: عن قول الله كان الناس أمة واحدة? فقال: لا تكون أمة واحدة وفيهم نبي أو وصي.
وسألته: عن العقل في الإنسان أطبع هو أم مستفاد? فقال: هو الحفظ والفكر وأصل العقل فطرة وخلقة.
وسألته: من كان أول الناس إسلاما مع النبي صلى الله عليه فقال علي بن أبي طالب: وكان رسول الله صلى الله عليه أدبه وكان في حجره وهو السابق إلى الله والمقرب.
وسألته: عن وصي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كان وعن تراثه، فقال: كان علي بن أبي طالب وصيه في مهماته وعهوده، وأما الميراث، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله توفي وكل ما يملك من الدنيا فقد فرقه على أمته.
وذكر أن رسول الله صلى الله عليه أعطاء فاطمة صلوات الله عليها فدكا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه إلا سلاحه فأخذه علي بن أبي طالب.
وسألته: عن الحديث الذي روي أن من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وكيف يعرف، فقال: بنعوته وصفاته. وسألته عن الإيمان، فقال: الإيمان من الأمان، والإيمان فهو السلامة من كبائر العصيان التي أوجب الله عليها لأهلها النار فمن استكمل ذلك فقد استكمل الإيمان.
وسألته: عن الإسلام فقال: هو الإستسلام بما أمر الله به من الإسلام.
صفحہ 6
وسألته: عن القدر فقال: الخير والإحسان من الله لا يستنكر وما كان من خلاف ما أمر الله به فهو من أهله والله يرئ منه، وما كان من حسن مأمور به فهو من الله، وما كان من معصية أو شتم لله فالله برئ منه لأنه يذمه ويعينه ولا يصلح أن يكون من الله مذموما عنده فهذا إن شاء الله يكفي ولا يستنكر ذلك ولا يجحده أحد أنصف أوتكلم بما يعرف وأما سوى ذلك فلا يراد الخوض فيه ولا الشغل به.
وسألته: عن الإستطاعة ? فقال: أي ذلك فقال به قائل إذا أثبت أن الله لم يكلف العباد إلا ما يستطيعون فهو مقبول، وقوله صحيح معقول.
وسألته: عن إمامة أمير المؤمنين أكان من الرسول إليه وصية أم قال : أنت الإمام بعدي أم كيف? فقال: دلالة من الرسول صلى الله عليه وإشارة عليه كانت منه إليه كافية مغنية.
وسألته: عن الاختلاف الذي بين أهل البيت ? فقال: يؤخذ من ذلك بما أجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه، وأما ما اختلفوا فيه فما وافق الكتاب والسنة المعروفة فقول من قال به فهو المقبول والمعقول.
وسألته: عن إطلاق الرأي عن الضرورة ? فقال: ليس لأحد أن يقول برأيه إلا ما أشبه الكتاب والسنة المعروفة وإلا أمسك فلم يقل.
وسألته: عن من قعد عن علي رضوان الله عليه في حربه? فقال: من قعد عن علي في حربه فهو ضال،
وسألته: عن إنفاق المزبق والمكحل? فقال: التحرز من ذلك والتورع أفضل وإن أجازه الناس بينهم.
وسألته: عن جمع صلاتين في السفر والحضر، فقال: لا بأس به، وسألته: عن المرأة تموت من أحق بميراثها ? فقال: قرابتها وذووا محرمها أولى الناس بها.
وسألته: عن الإستثناء في الطلاق، وما أشبه ذلك? فقال: الإستثناء جائز في كل يمين، وسألته: عن من أصبح جنبا في شهر رمضان وهو يمكنه الغسل قبل طلوع الفجر هل عليه شيء? فقال: لا بأس به وأحب إلينا أن يغتسل.
صفحہ 7
وسألته: عن من حلف بالمشيء إلى بيت الله وليس عنده ما يبلغه ولا يحمله? فقال: لا شيء عليه لا يكلف الله أحدا إلا ما أطاق.
وسألته: عن رجل محتاج يتكفكف باليسير ويرد ما يتفضل به الناس عليه الأخذ منهم أفضل أم الرد، فقال: إن رد فلا بأس وإن أخذ فلا بأس إذا احتاج.
وسألته عن قول النبي صلى الله عليه: ؛إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به كتاب الله وعترتي أهل بيتي « من العترة ? فقال: العترة هم الولد.
وسألته: عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر? فقال: الأمر بالمعروف ما كانت لله فيه طاعة والنهي عن المنكر كل ما كانت لله فيه معصية.
وسألته: عن مرأة هلكت وتركت عبدا مدبرا ما ترى فيه وتركت أمتين اعتقت من ذلك ثلثهما? فقال: إن كان ثلثهما يحتمل عتق المدبر أعتق وإن لم يكن يحتمل فلا يعتق، وقال في المعتق من الأمتين: أيضا إذا احتمل ثلثها ما أعتقت منها عتق ما أعتقت ونفذ كلما له أوصت من بعد أن يخرج الدين الذي عليها إن كانت عليها ديون، فإن الدين يخرج من قبل الثلث ومن قبل كل وصية.
وسألته عن قول الله: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك، فقال: خبر من الله من القدرة والإقتدار على كل شيء وليس هو خبر أن الله يخرج من النار بعد دخولها أحدا، ولو خرج منها خارج بعد دخولها لم يكن فيها مخلدا، وقد قال الله في غير مكان: خالدين فيها وما هم بمخرجين.
صفحہ 8
وسألته: عن قول الله تعالى: {ونفس وما سواها} فألهمها فجورها وتقواها، فقال: ونفس وما سواها، يقول سبحانه وما أقدرها وما هاهنا من تسوية التقدير وحكمة التدبير الذي لا يكون إلا بالله ولا يوجد إلا من الله، وقد قال بعض المفسرين: وما سواها: هو ومن سواها، فألهمها هو عرفها تعريفا بينا ليس مما يلتبس بكفره، منعمة ولا يعايا بشيء من المعرفة من فجورها وتقواها إذا عرفها هيبتها وأجتراها لأن الهيبة اتقاء والفجور اجتراء فهي تعرف من الأشياء كلها ما يجتري عليه من الفجور وما تهاب وتخشا من جميع الأمور، فهي على ما لا تهاب مجتريه ولما هابت متقية فهي ملهمة لتقواها وفجورها لمعرفة ما تهابه وتجترئ عليه من أمورها.
وسألته: أيضا عن قول الله سبحانه: والسموات مطويات بيمينه، فقال: إنما يريد سبحانه قدرته عليهن ونفاذ أمره وقضائه وحكمه جل ثناؤه فيهن لأن كل ما كان من الأشياء مطويا في يمينك فأنت عليه أقدر منك على غيره من جميع شأنك ومن كان في يديه شيء مطوي كان على حفظه كله قويا، ولا يتوهم أنهن مطويات في يمينه كطي الثياب إلا عمي جهول لعاب وما في ذلك لو كان كذلك من الإكتاب ومن القوة والإقتدار.
وأما قبضته وإحاطته وقدرته، فذلك أنه يقال لمن كان محيطا بشيء وقادرا عليه إذا سئل عنه من يعرفه هل له قدرة فيه ? قال: نعم والله ما هو إلا قبضته وفي يده وليس يريد بذلك إذا قال قبضة الكف والله لا شريك له متعال عن أن يوصف من أوصاف الإنسان بوصف.
وسألته: عن قول الله سبحانه: وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، والإنابة إليه هي الرجوع بطاعته عليه وإسلامهم له هو سلوكهم سبيله فلم ينب إليه سبحانه من تولى عنه ولم يسلم له جل ثناؤه من تبرأ منه، فالإنابة إليه هي الاعتصام والإسلام له هو الاستسلام ولم يعتصم به قط من آثر غيره ولم يسلم له من خالف أمره.
صفحہ 9
وسألته عن قول الله سبحانه قتل الإنسان ما أكفره فهو لعن الإنسان ما أقل شكره وكذلك كل من كفر بآيات الله ولم يصر فيما أمر به إلى مرضات الله فمن كان كذلك أو عمل بذلك فهو الكافر غير الشاكر لما أولي ووهب له من النعم فأعطي في مبتدأ خلقه حين أنشيء من نطفة من ماء مهين، فحفظ من الرحم في مستقره، فأتم تقديره وحسن تصويره ثم يسر للسبيل الذي هو مخرجه من بطن أمه بعد كماله في لحمه وعظمه.
وسألته: عن قول الله سبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك، فتأويل ذلك أن الله قادر على ما شاء من مغفرة أو تعذيب لمن خلق وأنشا، وليس ذلك خبرا من الأخبار أنه غير معذب لمن وعده بالنار لأنه جل ثناؤه لو لم يعذب من وعده بالعذاب من أهل الكبائر لكان في ذلك خلف وإكذاب لما وعد به في ذلك من الميعاد، وفيما ذكر سبحانه من وفاء ميعاده ووعده في ذلك، ما يقول سبحانه في كتابه: ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ليس من قوله سبحانه: لا يغفر، وبين يعذب فرق لأن من لا يغفر له فقد عذبه ومن عذبه فلم يغفر له.
وسألته: عن مقاليد السموات والأرض، فالمقاليد هي المفاتيح ومفاتيح الغيب فهي المقاليد، وسألته عن قول الله سبحانه: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها فالمصيبة في الأرض فهو ما يكون في الأرض عامة والمصيبة في الأنفس فهو ما يكون في الأنفس خاصة، والكتاب فهو علم الله بذلك كله، وما أحاط بالأرض والأرض يقينا من علمه، فكل ذلك كما قال الله: لا شريك له لا يؤده منه علم ما علم، وقوله: من قبل أن نبرأها فهو من قبل أن يخلق الأنفس وأنشائها.
صفحہ 10
وسألته: عن قوله تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وطائره فهو ما يلحقه وما يلزمه من خيره وشره، فكله مكتوب محفوظ عليه إذا لقي الله وصار إليه كما قال الله سبحانه: يخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشور ا، إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.
وسألته: عن قوله يوم ندعوا كل أناس بإمامهم، فإمامهم هو ما كتب عليهم، ولهم من سالف أعمالهم فمن أوتي كتابه بيمينه فهو عن يمينه، وتأويل من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، فهو إن من كان في الدنيا ضالا فهو في الآخرة أضل ضلالا أنه ليس بعد البعث ضلال ولا هدى فمن ضل في الآخرة، أو اهتدى فهو مهتدى أو ضال أبدا.
وسألته: عن قول الله سبحانه: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا فالإسلام هو الاستسلام والذلة والإذعان يعني الإجابة والطاعة والإيمان فهو سر وإعلان فسره في القلوب الباطنة وعلانيته في الأعمال الظاهرة، ألا تسمع كيف يقول سبحانه، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.
وسألته: عن قوله الله سبحانه: وتلك الأيام نداولها بين الناس، والأيام أيام الدول فهي بين الناس، كما قال الله عقب وما فيها من أحسان أو إسارة فأعمال لمن عملها من العمال يثاب المحسن فيها على حسنته ويعاقب المسيء فيها بسيئته.
وسألته: عن قوله: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما فالقوام من النفقة بين السرف والإقتار، وهو السيرة التي رضيها الله في النفقة للأبرار.
صفحہ 11
وسألته: عن حديث الثقلين، وهو حديث صحيح مذكور كبير في أيدي الرواة مشهور ومن تمسك كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهما فلن يضل أبدا لما جعل الله فيهما ومعهما من النور والهدى، وكتاب الله تبارك وتعالى كما قال رسول الله ص فهو أحدهما، وفيه الشفاء والبرهان والنور وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعليهم وسلم كلهم مجمعون، فمنهم من عدل أبدا بمن الله لا يجور فمن تمسك بالمتقين منهم لم يضل ولم يجز عن الحق ولم يمل وكيف يضل متبع من يعدل في إتباعه على عدله وهو فيه كمثله. وحديث سفينة نوح من ذلك، وهي النجاة بها كذلك ومثل أهل بيت النبي ص كلهم، وفيما ذكر من التمسك بهم كمثلها في نجاة من نجا، وفيما ذكر من الضلالة والهدى.
وأما المسح على الخفين: فإن أهل البيت مجمعون أنه فاسد لا يجوز، وأما المسح على القدمين فليس فيه إلا ما يقول أصحاب الإمامية عن من يقولون به عنه، ولم ندرك أحدا من آل الرسول إلا وهو يفعل بخلاف ما قالوا به فيغسل ولا يمسح.
وسألته: عن السموات والأرض كيف الأرض والسماء بعضها فوق بعض، وكذلك ما سألت عنه من الأرض فأعلا السموات آخرها وأول السموات أولها، وكذلك أول الأرض أعلاها وأخرها أسفلها، وسألت أبي رضوان الله عليه عن قول الله عزوجل ثناؤه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما?.
فقال: تأويل ذلك إن شاء الله أنهم يبعثون يوم القيامة حين يجمعون، ويحشرون على صورهم التي فارقوا الدنيا عليها، وهيأتهم فعلى ما فارقوا الحياة عليه من ضلالهم وعماهم فمن فارق دنياه وهو أعما في بصره بعث كذلك عند حشره، وكذلك يبعث الأبكم وهو الأخرس اللسان، وكذلك الأصم من صمم الأذن فكل يبعث ويحشر على ما كان عليه في دنياه من الأحوال.
صفحہ 12
وكذلك يبعثون على ما كانوا عليه في الدنيا من الهدى والضلال، وليس تأويل على وجوههم إن شاء الله ما يذهب إليه أهل الجهالات من تبديل الله في يوم القيامة للخلق والهيئات التي كانوا عليها في الدنيا بدءا وكيف يتوهمون صما وبكما وعميا، والله يقول سبحانه في ذلك اليوم ولا يسأل حميم حميما، يبصرونهم: هو يرونهم، وكيف يتوهمون صما بكما خرسا وهم يقولون: يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة وكيف يتوهمون ذلك، ذلك وهم يقولون في يوم الحساب ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالح فكفى بما بيانا الله من هذا ومثله بيانا لقوم يعقلون على أن الأمر في ذلك ليس كما يتوهم الجهلة ولا كما يظنون، وقرآنا فرقناه، تأويله فرقناه قطعا وفرقنا وجعلنا مفرقا لتقرأه على الناس على مكث، وهو على مهل وبمكث.
وتأويل نزلناه: فهو قليلا قليلا كذلك يذكر، والله أعلم أن جبريل صلى الله عليه كان يعلم رسول الله صلى الله عليه ما علمه من القرآن خمس آيات خمس آيات لما أراد الله إن شاء الله بذلك لفؤاده من الثبات كما قال الله سبحانه: كذلك لنثبت به فؤادك، ورتلناه ترتيلا: تأويله ونزلناه تنزيلا والتنزيل هو الإبانة والتفصيل، ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون،فقال: يقول أختبرنا وعذبنا لأن الفتنة اختبار ومحنة وتعذيب وعقوبة.
وقوله سبحانه: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة، فقال: خبر عن رضاء الله عمن بايع تحت الشجرة إنما هو لقد رضي الله عمن آمن بالله. ألا ترى كيف يقول رب العالمين: لقد رضي الله عن المؤمنين فذكر أن رضاه تبارك اسمه إنما هو عمن آمن ممن تايعه وشايعه في البيعة وطاوعه.
وقوله: ثم ليقضوا تفثهم، فقال: التفث لغوا لسعت وسعته وامتناعه مما يمتنع منه المحرم من الطيب وغيره وما يلزمه ما كان محرما في إحرامه حتى يطوف بالبيت العتيق كما أمره الله بالطواف.
صفحہ 13
بسم الله الرحمن الرحيم عن القاسم بن إبراهيم عليه السلام أحسن الله رشك وتوفيقك وقوم لقصد الحق طريقك وبلغك صالح الأمل برحمته وأتم عليك وفيك ما وهب من نعمته قد فهمت استمع الله بك ما وصفت وتعرفت من مذاهبك لما تعرفت فقرب الله قربك ووصل بحقه سببك فبمثلك بمن الله يتوصل إلينا فكيف تطلب لنفسك الإذن علينا.
سألت سددنا الله وإياك للرشد والاهتداء عن المخادعة من الله والمكر والاستهزاء، فأما المخادعة وفقك الله فليس يجوز القول بها على الله ولا ينسب شيء منها كلها إلى الله ولا تحتملها في الله الألباب، ولم ينزل بها من كتب الله كتاب لأن المخادعة إنما هي حيل من المحتال فيما يخادع به من كذب في فعل أو مقال ولعجز المخادع عن كثير مما يريد كاد فيه بالمخادعة من يكيد، والله جل ثناؤه متعال عن كل مخادعة واحتيال لا يجوز شيء من ذلك عليه. ولا يصح القول بشيء منه فيه.
وأما الخدع من الله لمن خادع الله والاختداع فليس في القول به على الله جل جلاله عيب ولا شناع، وفيه ما يقول الله سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم، ولم يقل جل ثناؤه: وهو مخادعهم.
وأما مكر الله واستهزاؤه فهو استدراج الله واملاؤه، ومكر من كفر بالله ربه فإنما احتياله على الذين يكذبونه في وحيه فاستهزاء من كفر بالحق والمحقين فيشبهه كذبا في القول والفعل بالمتقين، فمتى قيل أبدا للمبطلين خادعوا ومكروا فإنما يراد به فيهم كذبوا وكفروا وأظهروا خلاف ما أبطنوا وأسروا.
صفحہ 14
ومتى قيل لهم: استهزؤا وسخروا فإنما يراد به فيهم تلعبوا وبطروا في ذلك ما يقول الله سبحانه لرسوله ص، وإن جنحوا للسلم فاحتج لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم. وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم، يقول سبحانه: وإن يريدوا أن يخدعوك فيمكروا بالكذب فيما أعطوك فيعطوك، المسالمة كذبا ويكذبوك بالمخادعة لعلها تلعبافحسبك في ذلك بتأييد الله ونصره، وبما ألف من قلوب المؤمنين على دينه وأمره.
وإذا كان استهزاؤهم ومكرهم إنما هو إخفاؤهم ما يخفون وسترهم من أمرهم لما يسرون وأمور الله استروأ بطن وأخفا عنهم وأكن، وذلك فقد يكون مكرا من الله بهم واستهزا واختداعا من الله لهم صاغرين وأجزا وبذلك كان الله خادعا لمن خادعه لا مخادعا ولا مخدوعا وكان قلب من خادعه سبحانه من العلم بمكر الله به مقفلا مطبوعا ليس فيه لله حذار، ولا عن منكره ازدجار حتى يدها من الله أخذ الله دواهيه ولا يوقن أن شيئا منها يأتيه كما قال سبحانه: ومكروا مكرا والله خير الماكرين.
وقال جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، وانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين.
وسألت يرحمك الله عن قوله: وإذا خلوا إلى شياطينهم من شياطينهم فإنهم الكبرا والرؤساء منهم وخلوا المبطلين إليهم هو كونهم معهم وفيهم.
وسألت يرحمك الله عن يعلمون الناس السحر، وعن السحر والسحر أمر لا يكون ولا يواتي أهله إلا بعظيم من الكفر والأئمة فيه والمعلمون له فهم الشياطين الكفرة الظالمون، ولذلك يقول منهم من علمه من يريد أن يتعلمه لا تكفر ليكفر إذا كفرنا بإقدام وتصميم بعد النهي بالتوقيف والإبانة للكفر والسحر والتعريف فكفر أهله بعد المعرفة بالتصميم ككفر إبليس فيما صمم من الكفر بالسحر.
صفحہ 15
وقوله: وما أنزل على الملكين ببابل، وقد يكون نفيا لا أن يكون السحر أنزل عليهما وأكذبا لمن نسب السحر من اليهود إليهما، وما أنزل على الملكين فقد يكون في النفي للسحر عنهما في البيان كقوله سبحانه في النفي: وما كفر سليمان، وهاروت وماروت، فقد يقال: إسمان نبطان معروف ذلك فيما يستنبط من اللسان لأن ما روت القرية في لسان النبط هو القرية وواليها وواليها وماروت القرية فيما يرى هو مستخرجها وجانبها، ولو كان من يعلم السحر لكان من المليكة إذا من قد كفروا.
ولما صح قوله سبحانه فيهم: بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون، وقوله سبحانه: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملئكة المقربون وقربتهم هي منزلتهم عند الله في الزلفا والمكان وبرأتهم كلهم عند الله من العصيان، ولو كان منهم صلى الله عليهم من عصى بكفر أو غيره لذكره الله بعصيانه، كما ذكر إبليس في تنزيله أما تراه كيف نحاه لمعصيته عنهم، ولم يجعله إذ عصى منهم فقال فيهم: فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني، وذريته فإنما هم أمثاله وقبيله. وفي إبليس وقبيله ما يقول الله سبحانه في تنزيله إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم.
وسألت عمن يسكن في الهواء بين الملائكة والإنس والجن، والإنس فهما كما قال الله: الثقلان فالملائكة صلوات الله عليهم سماويون والإنس كلهم جميعا أرضيون والجن بين السماء والأرض هوائيون.
صفحہ 16
وسألت عن أية القصاص هل يقتل فيها الحر بالعبد وهل تجب الدية في شيء من العمد، وقد فصل الله فيما سألت عنه في ذلك من أمره بقوله: وعند ذكره (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) فجلعهم في القصاص أصنافا مختلفة شتا وعلى ما ذكر الله من اختلافهم وشتاتهم اختلفوا باجتماع في دياتهم فدية العبد على قدر قيمته، والمرأة مخالفة للرجل في ديته، وهذا كله مجتمع عليه لا أعلم أحدا يقول بخلاف فيه، واختلافهم رحمك الله في الديات دليل على اختلافهم في القود والجراحات.
وما اختلف من ذلك فيه فليس بواحد والخلاف فبين بين الحر والعبد ولا يحكم في المختلف بالاستواء من لا علم له بالحكم في الأشياء، ولا قود ولا قصاص بين حر وعبد وليس أمرهما في كثير من الدين بواحد حد العبد في الزنا وغيره ليس يجده، والسيد في أكثر أموره، فليس كعبده، وكذلك المرأة في كثير أمورها فليست كالرجل ولو كانت كهو لما كان له عليها من الفضل ما ذكر الله سبحانه في قوله: وللرجال عليهن درجة.
وكفى بهذا في اختلافهما بيانا وحجة، فإن قيل: القاتل عبدا أو إمرأة عمدا وكان بقتله إياهما قتل في أرض الله مفسدا، قتل إذا صح فساده عند الإمام صاغرا ولم يحرز قاتله من القتل أن يكون حرا لقول الله سبحانه: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وفي الناس الحر والعبد جميعا معا فأحل الله من قتل الأنفس بالفساد في أرضه ما أحل من قتلها بترك التوحيد ورفضه. فأما من قتل عبدا أو إمرأة معاصيا أو قتله أو حصره فليس كمن قتلهما مفسد ا، وكان بفساده في أرض الله متمردا.
صفحہ 17
وأما ما سألت عنه من قول الله سبحانه: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعرروف وأداء إليه بإحسان فهو العفو من الطالب عن الدم إلى الدية إذا كانت نفس الطالب والمطلوب بذلك راضية، وهذا إذا ترضيا به فما لا يقول أبو حنيفة وأصحابه بغيره فجعل الله لرأفته ورحمته بخلقه العفو عفوين عن الدية والدم جميعا وعفوا عن الدم إلى الدية رأفة منه وتوسيعا وأمر الله تبارك وتعالى الطالب بحسن الطلب فيها، والمتابعة وأمر المطلوب بحسن الأداء لها زيادة من الله في الرحمة وتوسعة.
وسألت عن قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا فهو من حضر الشهر فلم يغب عنه فليصم في حضوره له ما ألزمه الله فيه منه، والمشاهدة له فهو أن يحضره كله ومن شهد بعضه فلم يحضر كله، والشهر كما قال رسول الله ص ثلاثون وتسعة وعشرون وليس الهلال والرؤية بشهر تام ولو لزم من حضر الرؤية الصيام لكان ذلك لأهله إضرارا وعاد تيسير الله فيه اعتبار ا، وقد سافر رسول الله (ص) إلى بدر وغير بدر فصام في سفره وأفطر، ولو لزم من رآه وأهله في أهله المقام لما قال رسول الله (ص) عمرة كحجة، العمرة في رمضان. ولما جاز لأجد من الناس فيه إعسارا.
وسألت يرحمك الله عن: ويسألونك عن المحيض فهو المحيض الخالص من دم الحيض فليس لأحد أن يصيب منه، وفيه ما ينجسه ويؤذيه فأما دم الاستحاضة فدم ليس بمحيض كدم الحيضة فدم المحيض دم خالص ليس فيه كدرة ودم المستحاضة دم فيه يريه وصفره وبينهما عند من يفقدهما من النساء فرق لا تجهله منهن إلا الحمق، فإذا طهرت المرأة من الحيض وهو ما قلنا به من الحيض لزمها وحل منها ما يلزم وتحل من المرأة النقية من حيضها المتطهرة.
وسألت عن قول الله سبحانه الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإن سرح فهو للثلاث التطبيقات تمام وإن أمسك فالثالثة الباقية من الطلاق كان الإمساك والمقام.
صفحہ 18
وسألت هل يلزم الطلاق لغير سنة أو على خلاف ما أمر به في الطلاق من العدة يلزمه منه ما ألزم نفسه وإن هو عصى فيه ربه ولو كان لا يلزم في ذلك شيء كان الأمر فيه سواء والنهي ولم يجر فيه نهى ولا تجدوه إذا لم يكن فيه طلاق ولا مضرة.
وسألت: عن القروء، وما هو ? فهو الحيض فليس بإطهار، وإنما القرو الجمع للحيض من التدفق والانتشار مما يجمعه به النساء من الخرق يتنظقن به لذلك من النطق، وكذلك تقول العرب في الاقراء: إذا أرادت أن تأمر أحدا بجمع ماء في إناء أو سقاء أقر لنا من الماء في الحوض أو في الإناء وبات فلأن يقري من مآئه في حوضه وسقايه.
وسألت: عن لا تضار والدة بولدها، ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك، وقد قال بعض الناس في ذلك وعلى الوارث في ذلك ألا يضار، وليس قول من قال بذلك حجة، فيما قال بينة ولا إشعار، وقال واصل بن عطا وعمرو بن عبيد وغيرهما على وارث اليتيم إذا لم يكن له مال الاسترضاع له والكسوة والإنفاق، والوارث الذي أمر بالنفقة فهو من يرث اليتيم إن مات بالقرابة، وليس هو بالزوج ولا الزوجة.
وسألت: عن تمتيع المطلقات هل وجوبه كوجوب الفرائض الواجبات فذلك واجب على من لم يسم مهرا موسرا كان أو معسر ا، وفي ذلك ما يقول سبحانه: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، والموسع فهو الموسر والمقتر: فهو المفتقر فكل يعطي على قدره في يسره للمتعة وعسره وليس في ذلك عدد معدود ولا حد في الأشياء محدود، هذا فرض واجب وجد في المتعة لازم كما قال الله سبحانه: حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون. ومن سمى من الأزواج لإمرأة مهرا فلها مهرها موسرا كان الزوج أو معسرا.
صفحہ 19
وسألت: عن قوله: منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابها فالمحكمات كما قال الله فهن أم الكتاب، والمحكم منه فما صحت حجته في الألباب والأم من علم كل شيء فهو البين من علمه غير الخفي، وأم أمهات العلوم كلها فأنور ما يكون من العلم عند أهلها، وكذلك الكتاب فمحكماته من غير شك أمهاته التي لا يشبته على عالمهن منهن علم ولا يدخله في الإحاطة بهن شك ولا وهم ولا يحتاج في البيان عنهن إلى إكثار ولا تطويل، بل تنزيل الله فيهن كاف من التأويل كقوله سبحانه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وقوله: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقوله: إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون. فهذا وأشباهه من كتاب الله فهو المحكم الذي ليس فيه بمن الله شبهة ولا وهم.
وأما متشابه الآيات من الكتاب فلا يكون أبدا إلا متشابها وكما جعله رب الأرباب فليس يحيط غيره بعلمه ولم يكلف أحدا العلم به، وإنما كلف العلم بأنه من عند ربه كما قال سبحانه: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب، فجعل الإيمان به والعلم بأنه من عنده فريضة عليهم في متشابه الكتاب ولو كان عند غيره بالاستخراج معلوما لما كان متشابها في نفسه ولا مكتوما ولزال عنه اسم الإخفاء والتشابه كما يوجد له من المخارج في العلم والتوجه، ولما قال الله متشابها جملة وإرسالا حتى يقال: متشابها عند من كان به جاهلا، وفي تشابه كتاب الله وإخفائه وما أراد بذلك سبحانه من امتحان كل محجوج وابتلائه أعلم العلم وأحكم الحكم عند أهل العلم والحكمة، وأدل الدلائل على الله في الأشياء كلها من القدرة والعظمة.
صفحہ 20