(( وأما العكس المستوي )) اعلم أن العكس يطلق على: المعنى المصدري، أي: تبديل طرفي القضية، وعلى: القضية الحاصلة بالتبديل. كما يقال مثلا: عكس الموجبة الكلية موجبة جزئية. فتسمى الموجبة الجزئية عكسا. والمراد هنا هو المعنى الأول. فحينئذ حقيقته: (( تحويل جزأي: الجملة )) أي: طرفيها. بأن يجعل الجزء الأول ثانيا، والثاني أولا. (( على وجه يصدق )) أي: لو كان الأصل صادقا كان العكس مثله. لأن العكس لازم للقضية. وإذا صدق الملزوم صدق اللازم. فحينئذ لا بد من بقاء الصدق، وكذلك لا بد أيضا من بقاء الكيف.أي: إذا كان الأصل موجبا، كان العكس مثله. وإن كان سالبا كان مثله. فلا يكون الموجب عكسا للسالب، والعكس. لما تقدم في اشتراط بقاء الصدق.فينعكس قولنا: كل إنسان حيوان. إلى: بعض الحيوان إنسان. كما هو مقرر في موضعه. فهذه حقيقة العكس المستوي.
(( و)) أما (( عكس النقيض )) فحقيقته (( جعل نقيض كل منهما )) أي: من جزأي: القضية (( مكان الآخر )). أي: جعل نقيض
الجزء الثاني: مكان الأول، ونقيض الجزء الأول: مكان الثاني.
ويشترط فيه أيضا: بقاء الكيف. أي: الإيجاب والسلب. فينعكس قولنا: كل إنسان حيوان مثلا بهذا العكس. إلى: كل ما ليس بحيوان ليس بإنسان.
فان قلت: قد اشترط في عكس النقيض بقاء الكيف، وقولنا في عكس كل إنسان حيوان: كلما ليس بحيوان ليس بإنسان، لم يبق ذلك.إذ هو سلب؟!
قلت: هذه القضية ليست سالبة. بل هي معدلة. أي: جعل حرف السلب جزءا من طر فيها. كما علم في موضعه. فتأمل والله أعلم.
نعم: وإنما سمي هذا عكس النقيض، لأن المعكوس فيه نقيض الطرفي.ن فتأمل ذلك. فهذا ما يليق بهذا المختصر من بيان النقيض، والعكس. ولاستيفاء الكلام فيه، وفي شرائطه فن آخر. أعني: علم المنطق. فمن أراد تحقيقه، فليرجع إليه. وقد استوفيت ذلك في شرح مختصر سعد الدين التفتازاني المسمى بالتهذيب. وبتمام هذا تم الكلام في شرح الدليل الثاني، أعني: السنة.
صفحہ 44