(( ولا أنكره غيره )) لجواز الاتكال على إنكار الغير، بل ذلك تقرير للإنكار من الغير، فكأنه قد أنكر بالمقال، فلا يكون ذلك الفعل حينئذ جائزا .فإذا كان كذلك (( دل ذلك )) التقرير (( على إباحته )).أي: إباحة الفعل المسكت عنه. إذ لو كان منكرا لما سكت عنه، لأن سكوته عن المنكر مع تكامل الشروط المذكورة لا يجوز.
(( واعلم أنه لا تعارض في أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم )). التعارض بين الأمرين هو: تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى صاحبه. ولا يتصور التعارض بين الفعلين، بحيث يكون أحدهما ناسخا للآخر، أو مخصصا له، لأنهما إن لم تتناقض أحكامهما فلا تعارض، وإن تناقضت فكذلك أيضا. نحو: صوم يوم وإفطاره.لأن الفعلين إنما يقعان في وقتيين متباينين، ويجوز أن يكون الفعل في وقت واجبا، وفي مثل ذلك الوقت بخلافه. فحينئذ يقطع بتأخر أحدهما. فيمكن التأسي به صلى الله عليه وآله وسلم فنكون متعبدين بالفعل في وقت، وبالترك في آخر. إلا أن يكون مع الفعل الأول قول مقتض لتكرره، فإن الفعل الثاني قد يكون ناسخا لذلك القول، لا الفعل فتأمل! بخلاف القولين، أو القول والفعل، ولذا قال (( ومتى تعارض قولان، أو قول وفعل، فالمتأخر ناسخ )) إن تراخى وقتا يمكن العمل بالأول فيه.
(( أو مخصص )) إن لم يتراخ.
(( فإن جهل التاريخ )) فلم يعلم أي: هما متأخر (( فالترجيح )) حينئذ يرجع إليه . وسيأتي وجوهه في بابه إن شاء الله تعالى.
(( وطريقنا إلى العلم بالسنة )) بأقسامها، (( والأخبار ))، وهي: جمع خبر. وسيأتي حقيقة الخبر إن شاء الله تعالى.
(( وهي )) أي: الأخبار. قسمان: (( متواتر، وآحاد )). لأن الخبر إما أن يفيد بنفسه العلم بصدقه أولا؟ فالأول: المتواتر.والثاني: الآحاد. وهو: الذي لا يفيد بنفسه العلم بصدقه. فالمستفيض وهو: ما زاد نقلته على ثلاثة، نوع من الآحاد. فلا واسطة بين المتواتر والآحاد.
صفحہ 22