جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل
جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل
اصناف
ويلاحظ تقرير المؤسسة أن هذا المبلغ - على ارتفاعه بالنسبة إلى الجوائز العالمية - قد يظفر به الكاتب العصري الرائج ثمنا للعرض على اللوحة البيضاء أو أجهزة التلفزيون، وقد يربح أضعافه من تأليف القصة، ثم من تحويلها إلى التأليف المسرحي، ثم من إخراجها على اللوحة البيضاء وأجهزة التلفزيون، وغير ذلك من وسائل الإذاعة، وتداول النشر بين المعارض العامة، وبين الأندية الخاصة والبيوت.
فإذا نظر الكاتب إلى وفرة العائدة فالقيمة التي ينالها من مؤسسة نوبل ليست بالمطمع الذي يغريه، أو يزين له تفضيل الجد والأمانة في خدمة الفكر والفن على مجاراة الأهواء، ومسايرة السوق، واغتنام تلك الأرباح.
وإذا تذكرنا أن جائزة نوبل قلما تصل إلى الأديب في منتصف الطريق، وأن جميع الأدباء قد تلقوها وهم على أوج الشهرة في بلادهم أو في بلاد العالم أجمع - فالقيمة المادية بالنسبة إلى هؤلاء لا تحسب من المعونة الضرورية عند مسيس الحاجة إليها، ولا تحسب من ضروب الإغراء التي تبعث القريحة الأدبية إلى تغيير الوجهة، أو القناعة بشرف السمعة، وحسن الجزاء، ولعل المؤسسة لم تنس - وهي تراجع هذه الظروف - قصة برناردشو، ولا عبارته التي قالها للمؤسسة حين رد إليها جائزتها قبل نيف وثلاثين سنة ...
فإنه اقترح على المؤسسة أن تنفقها في ترويج الأدب المشترك بين اللغتين السويدية والإنجليزية ... أما هو - كما قال - فقد وصل إلى الشاطئ، فلا حاجة به إلى طوق النجاة.
وما قاله برناردشو يصدق على الأكثرين ممن فازوا بالجائزة بعد أن جاوزوا منتصف الطريق، ولا سيما أبناء الأمم الكبيرة.
فالأديب الذي يبلغ غاية الشهرة في أمة صغيرة، قد تأتيه هذه المعونة المادية، كما تحقق له معنى التشريف الأدبي في وقت واحد؛ لأنها تشيع ذكره في أنحاء العالم، بعد انحصاره بين حدود بلاده.
أما الأديب الذي يكتب باللغة الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية، فهو يكتب للملايين من القراء ويضمن الشهرة العالمية، مع ضمان الشهرة القومية، ويستغني عن الجائزة بما فيها من العون، وما فيها من التشريف أو توسيع نطاق الشهرة على السواء.
بل ربما صدق على أدباء الأمم الصغيرة في العصر الحاضر كل ما يصدق على أدباء الأمم الكبيرة؛ لأن عالم التمثيل على المسرح، وعلى اللوحة البيضاء يزدحم بأسماء الكتاب الذين نشئوا في رومانيا، أو سويسرة، أو إسبانيا، أو أقطار أمريكا الجنوبية ... ومن هؤلاء الكتاب من يطلبهم المخرجون والناشرون، ويبحثون عنهم وهم في ديارهم، طلبا للغرائب، والتماسا للبدع الطارئة على الأسماع والآذان، وإشباعا لرغبة الكشف والاستطلاع التي يتنافس فيها المخرجون والناشرون.
فلا حاجة بالأديب في البلد الكبير أو البلد الصغير إلى المعونة المادية من جوائز نوبل، ولا معنى للقيمة الأدبية - قيمة التشريف والتمجيد - إذا استحقها الأديب بمجرد الرواج والشيوع، وتساوت الكتابة التي تتطلبها بضاعة السوق، وتجد الباحثين عنها والمكافئين عليها بين المخرجين والناشرين، وهم يعملون لحساب شركات تملك الملايين، وتربح مما تنفقه على المسرحيات والصور المتحركة أضعاف ما يربحه المؤلفون، ويربحه معهم المخرجون والناشرون.
ومحصول التفكير في ذلك كله أن مؤسسة نوبل ترى إعادة النظر في أسباب منح الجائزة؛ تحقيقا لفائدتها الأولى: وهي تقدير الأمانة الفكرية في خدمة الفن والثقافة، وتجنيد القرائح في ساحة الجهاد الشريف للسعي إلى المثل العليا.
نامعلوم صفحہ