جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل
جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل
اصناف
ولم يذكر نقاد المؤسسة موضوع الأدب الذي يقصدونه بإعادة النظر في قيمة الجائزة، ولكنه - كما هو واضح - كل أدب يرتفع إلى الذروة في البلاغة وأمانة التفكير، ولكنه يقصر عن الكسب في معترك الزحام على إرضاء الأهواء والشهوات، ويعجز عن ادخار الثروة لصاحبه بحساب شباك التذاكر، ونسخ البيع وأبواق الدعاية.
وتكاد الموضوعات من هذا القبيل أن تسمي نفسها لمن يطلب أسماءها ... فإذا استثنينا القصة التي تثير الغريزة، والمسرحية التي تثير اللغط، وتجتذب النظارة بأعاجيب العرض والتشكيل، واستثنينا معها ضروب التهويل على السذج والجهلاء بالمصطلحات والأسرار، فالذي يبقى بعد ذلك لا يعدو موضوعا واحدا: وهو الأدب البليغ من المنظوم والمنثور، يستند إلى شيء في النفس الإنسانية غير شهوة الغريزة: يستند إلى الذوق السليم، والضمير المستقيم.
ومما لا ريب فيه أن الجوائز العالمية ستفقد وظيفتها إذا كان مقياسها هو مقياس الشهرة لا أكثر ولا أقل، وكان مقياس الشهرة هو مقياس الرواج والكسب في سوق الساعة.
وأضيع ما تكون الجائزة العالمية إذا هي نافست أرباب هذه السوق في تجارتهم التي يحسنونها، وينقطعون لتجاربها ومنوراتها، فإن الناظر إلى المثل الأعلى، وإلى القيم الإنسانية الباقية لا يستطيع أن يحقق شروط الكمال، وشروط الربح، والرواج في صفقة واحدة، ومهما يفعل فإن المتجرين بالأدب سيعرفون كيف يجتذبون إليهم طلاب الربح ورواد الشهرة، ولا يعنيهم بعد ذلك أمر الذين يفضلون الإتقان على النجاح، ويقنعون بخمول الذكر إذا كلفتهم الشهرة العاجلة أن يخونوا أمانة الفكر التي يؤمنون بها.
وربما كان في وسع الناشرين والمخرجين أن يسخروا وسائلهم الخاصة لترويج البضاعة الكاسدة في سوق الأدب الرخيص؛ لأنهم يخاطبون جمهور هذا الأدب بما يقنعه ويرضيه، ولا يتوقف إقناعهم إياه على صحة التمييز، وتمام المعرفة؛ لأن «الموضوعات » في بضاعة الأدب كالموضوعات في الملابس والأزياء، تتوقف على معرفة تامة وتمييز صحيح.
ومنذ سنتين دخلت الأساليب الاقتصادية إلى سوق الجوائز الكبرى في أوسع مجال، ونظمت عملها على قواعد التجارة العالمية التي تقتضيها أحوال الزمن ومطالبه العملية، وليس من اللازم أن تتجه هذه الجوائز إلى غير المستحقين للتقدير والتشجيع، أو غير المؤمنين بالمثل العليا، وأمانة الرسالة الإنسانية، ولكن اللازم فيها أن تنظر إلى الرواج قبل كل شيء، ثم يأتي بعد ذلك دور الإتقان والكمال.
تألفت هيئة واحدة تضم إليها مندوبين من دور النشر في كل من إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والسويد، والنرويج، والدنمرك، وهولنده، وتتصل بدارين كبيرتين من دور النشر في إنجلترا والولايات المتحدة، وقد ينضم إليها في المستقبل ناشرون من أمم أخرى.
هذه الهيئة تضمن - مقدما - أن يطبع الكتاب الذي تختاره في بلاد تابعة لأربع عشرة دولة، وتضمن ترجمته إلى عشر لغات أو أكثر من ذلك - إذا اقتضى الأمر - في وقت واحد، وتضمن وسائل الإعلان والتوزيع في الصحف التي تقرأ بتلك اللغات، فلا تعطي جائزتها إلا وهي على ثقة من تعويضها السريع أضعافا مضاعفة، وقد تقترح هي الموضوع على الكاتب كلما أنست من السوق العالمية رغبة فيه واستعدادا لقبوله.
وابتدأت هذه الهيئة بتوزيع جوائزها - واسمها جوائز فورمنتر
Formentor - سنة إحدى وستين (1961) وهي السنة التي فكرت فيها مؤسسة نوبل في إعادة النظر إلى شروط الاختيار للمحافظة على قيمة الجائزة المثالية، ولعل ظهور هذه الأساليب الاقتصادية في سوق النشر كان له شأنه في ذلك التفكير.
نامعلوم صفحہ