جمال الدين الأفغاني
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
اصناف
وصعوبة العروة الوثقى أنها تمثل روح الأفغاني وصياغة محمد عبده كما هو الحال في محاورات أفلاطون، روح سقراط وصياغة أفلاطون، وكما هو الحال في الأناجيل، روح المسيح وصياغات كتاب الأناجيل. ومع ذلك جرت العادة على نسبتها إلى الأفغاني. فالروح أقرب إلى الفكر، والصياغة مجرد ألفاظ وعبارات، بالرغم من الصلة الوثيقة بين المعاني والألفاظ. صدر منها ثمانية عشر عددا ابتداء من 13 / 3 / 1984 حتى 16 / 10 / 1984م على مدى سبعة أشهر من عام واحد بعد الثورة العرابية بما يقرب من عامين. أصدرها بناء على تكليف من جمعية
العروة الوثقى
لإنشاء جريدة تدعو المسلمين إلى الوحدة تحت لواء الخلافة.
أنواعها الأدبية متعددة، بين المقال والخبر والتحليل السياسي والفن الأدبي مثل الأعجوبة والأسطورة والغريبة ... إلخ. وأهمها المقال الذي يتراوح بين العرض النظري وهو المقال الفكري الإصلاحي الذي يعزى أحيانا إلى محمد عبده، والخطبة الإنشائية الحماسية الموجهة مباشرة إلى الجمهور للحث على الثورة ضد إنجلترا في مصر والسودان والهند والأفغان. وغالبا ما يبدأ المقال بآية قرآنية بمفردها، وهو الأغلب أو بحديث نبوي وهو الأقل.
22
وأحيانا يبدأ بالآية القرآنية دون عنوان للمقال، وهو الأغلب، أو مع عنوان في عبارة، أو في مجرد لفظ واحد، وهو الأقل، وهذا يدل على منهج الأفغاني في التفسير؛ فإنه يبدأ بالآية، وهو الأغلب، أو الحديث، وهو الأقل، ويفسرها باللجوء إلى التجربة الفردية أو الجماعية ويحولها إلى قانون نفسي أو اجتماعي أو تاريخي وكأن الآية هي الواقع، وحكم الشرع هو قانون التاريخ. لا يستنبط معنى الآية من النص عن طريق قواعد اللغة العربية كما يفعل المفسرون بل يستقرئ التجارب والحوادث ليجد في العالم الخارجي تصديقا للآية كما هو الحال في المنهج التجريبي المعروف؛ فالواقع خير تصديق للوحي. وبتعبير القدماء يتبع الأفغاني منهج التأويل وليس التذيل، أي صعود المعاني من أسفل إلى أعلى وليس نزولها من أعلى إلى أسفل كما هو الحال عند الصوفية، وقد تم اختيار الآيات بعناية؛ لأنها هي التي تصوغ قانونا تاريخيا عاما يمكن التحقق من صدقه في الواقع. وهنا يتحول القرآن من قراءة إلى رؤية، ومن كلام إلى واقع، ومن عبارة إلى ثورة، ومن وحي إلى تاريخ.
وقد فصل الأفغاني منهج العروة الوثقى وأهدافها على النحو الآتي: (1)
خدمة الشرقيين، وبيان الواجبات التي كان التفريط فيها موجبا للسقوط والضعف، وتوضيح الطرق لتدارك ما فات، والاحتراس مما هو آت. فهي موجهة إلى الشرق، والإسلام جزء من ريح الشرق، والمسلمون جزء من الجامعة الشرقية، والخلافة جزء من جامعة شعوب الشرق. (2)
البحث في الأسباب والعلل التي أدت إلى التفريط وبواعث الحيرة والتشابه والتيه والضلال. لذلك اتجهت العروة الوثقى إلى العلوم الاجتماعية وفلسفة التاريخ. (3)
كشف الغطاء عن أوهام المترفين، ونزع الوساوس من عقول المنعمين الذين يئسوا من الشفاء، وظنوا أن زمان التدارك قد فات مما أدى إلى فتور الهمم، درءا لروح اليأس وبثا لروح الأمل. (4)
نامعلوم صفحہ