فقول الحشوية إنه يسمى بعض الأشخاص نبيا من غير وحي ولا معجزة ولا شريعة متجددة ولا إحياء مندرسة بل يفارق سائر البشر بالتنويرات والإلهامات، باطل لما ذكرنا، وكذلك ما قاله الزمخشري وقاضي القضاة: إن النبي من بعث لتقرير شريعة جاء به غيره وإحيا ما اندرس منها كيوشع وأكثر أنبياء بني إسرائيل المقررون لشريعة موسى المجددون لمندرسها.
فإنا نقول: إن أوحي إليهم بها من غير واسطة بشر كما أوحي إلى موسى فلا فرق بينهم وبين موسى، وإلا كانوا كغيرهم، والله أعلم.
واعلم: أن المهم المقصود من هذا الباب، والقطب الذي يدور عليه رحى الكلام في النبوات: هو (أن محمدا نبي صادق)، فإن هذه المسألة أصل للقواعد الشرعية، وعمدة مسائل أصول الدين بعد معرفة توحيد الله وعدله، وعليها مدار العلم بجميع أنبياء الله وملائكته وأحوال الآخرة وجميع التكاليف العلمية إلا ما قضى به العقل منها قضية مطلقة، ولهذا ينبغي أن ترمق إليه عيون الجد، وسنفرغ في الاطلاع على حقائقه بقدر المختصر فنقول:
صفحہ 84