فصل
ثم اعلم: أن الدنيا عبارة عن كل ما يشغل عن الله قبل الموت، فكلما لك فيه حظ وغرض ونصيب وشهوة ولذة في عاجل الحال قبل الوفاة، فهي الدنيا.
وليس كل ذلك مذموم، بل المذموم المنهي عن محبته هو كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة.
وإذا سمعت بذم الدنيا، فاعلم أنه ليس راجعا إلى زمانها الذي الليل والنهار المتعاقبان إلى قيام الساعة.
فإن الله سبحانه وتعالى جعلهما خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
وليس الذم راجعا إلى مكان الدنيا وهو الأرض ولا إلى ما أنبته الله فيها من الشجر والزرع.
فإن ذلك كله من نعم الله على عباده لما لهم فيه من المنافع والمصالح والاعتبار والاستدلال بذلك على وحدانية الله وقدرته وعظمته وحكمته ورحمته بعباده.
قال جل وعلا: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا}، وقال تعالى: {وفي الأرض آيات للموقنين}.
وإنما المذموم أفعال بني آدم من المعاصي الكبائر والصغائر كالشرك وترك الصلاة وترك الزكاة أو الصوم أو الحج وكالكذب على الله أو على رسله أو كراهة ما أنزل الله أو قتل نفس بغير حق أو ظلم أو شهادة زور.
واللواط وقذف المحصنات والسحر والزنا والربا والتولي يوم الزحف والرياء والعقوق وقطيعة الرحم وأكل مال اليتيم والسرقة والغصب والنميمة والغيبة والكبر والحسد والعجب والخمر والدخان.
واللهو واستعمال آلاته والاجتماع مع الكفار والتاركين للصلاة ومواكلتهم واستخدامهم مزارعين أو سائقين أو خدامين خياطين أو فراشين أو نحو ذلك.
نسأل الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم أن يعصمنا وإخواننا المسلمين منهم وأن يتوفانا ما أضلنا سقف معهم.
صفحہ 24