ومما يدخل في الدنيا المذمومة، ما قاد العبد إلى المعاصي وشوقه إليها وألهاه عن ذكر الله وأغفله عن الآخرة.
وذلك كاللعب بالكورة، والجلوس عند التلفاز، والفيديو، والمذياع، وضياع الوقت في المجلات، والجرائد، واللعب في الورق، والاشتغال بحظوظ الدنيا، والإعراض عن الله.
والتكاسل عن طاعته والتفاخر والتكاثر في الأموال والأولاد، وإيثار ملذات الدنيا وشهواتها على الآخرة.
جاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه سمع رجلا يسب الدنيا، فقال له: إنها لدار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود بها.
مسجد أحباب الله، ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته ومتجر أوليائه.
اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذم الدنيا وقد آذنت بفراقها، ونادت بعيبها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها وشوقت بسرورها إلى أهل السرور.
فذمها قوم عند الندامة ومدحها آخرون، حدثتهم فصدقوا وذكرتهم فذكروا.
فيا أيها المغتر بالدنيا المغتر بغرورها، متى استلأمت إليك الدنيا، بل متى غرتك أبمضاجع آبائك تحت الثرى، أم بمصارع أمهاتك من البلى.
نقمت على الدنيا ولا ذنب أسلفت ... إليك فأنت الظالم المتكذب
وهبها فتاة هل عليها جناية ... بمن هو صب في هواها معذب
كم قلبت بكفيك ومرضت بيدك تطلب له الشفاء وتسأل له الأطباء فلم تظفر بحاجتك ولم تسعف بطلبتك قد مثلت لك الدنيا بمصرعه مصرعك غدا ولا يغني عنك بكاؤك ولا ينفعك أحبابك.
قال ابن رجب رحمه الله على كلا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: فبين أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أن الدنيا لا تذم مطلقا وأنها تحمد بالنسبة إلى من تزود منها الأعمال الصالحة، وأن فيها مساجد الأنبياء ومهبط الوحي.
صفحہ 25