يا من تمسك بالدنيا وزخرفها ... وجد في جمعها بالكد والتعب
هلا عمرت لدار أنت تسكنها ... دار القرار وفيها معدن الطلب
فعن قليل تراها وهي دائرة ... وقد تمزق ما جمعت من نشب
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء، أنيابها بادية مشوهة الخلقة لا يراها أحد إلا كرهها، فتشرف على الخلائق، فيقال لهم: أتعرفون هذه؟
فيقال لهم: هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها، ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول: يا رب أين أتباعي وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقونها.
ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها على الله جل وعلا.
وذكر في الخبر عن عيسى عليه السلام : أنه كان ذات يوم ماشيا إذ نظر إلى امرأة عليها من كل زينة فذهب ليغطي وجهه عنها، فقالت: اكشف عن وجهك فلست بامرأة أنا الدنيا، فقال لها: ألك زوج؟ فقالت له: لي أزواج كثير، فقال: أكل طلقك أم كلا قتلت؟ فقالت: بل كلا قتلت، فقال: حزنت على أحد منهم؟ فقالت: هم يحزنون علي ولا أحزن عليهم ويبكون علي ولا أبكي عليهم.
ولو كانت الدنيا عروسا وجدتها ... بما قتلت أولادها لا تزوج
آخر:
ولو كانت الدنيا من الإنس لم تكن ... سوى مومس أفنت بما ساء عمرها
وروي أن رجلا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أرض، فسأله عن أرضهم، فأخبره عن سعتها وكثرة النعيم فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف تفعلون؟» قال: إنا نتخذ ألوانا من الطعام ونأكلها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثم تصير إلى ماذا؟» قال: إلى ما تعلم يا رسول الله، يعني بولا وغائطا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فكذلك مثل الدنيا».
قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بددت ما يجمع
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
صفحہ 23