414

انتصار

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

علاقے
یمن
سلطنتیں
رسولی سلطنت

والذي عليه أئمة العترة: أنه يكون طاهرا بالريق؛ لأن ذلك هو الممكن في حقها، وظاهر كلام الشافعي: أنه يطهر حكما، ولم أعلم أن أحدا من نظار أصحابه ولا من حذاق محصلي مذهبه البغداديين، كالزعفراني الحسن (¬1) والكرابيسي الحسين وإبراهيم الكلبي، ولا من المصريين، كالمزني وحرملة والبويطي. فالبغداديون يروون أقواله القديمة، والمصريون يروون أقواله الجديدة، وما نقل أحد منهم عنه أنه يطهر بالريق، ولا من أصحابه المتأخرين، كالصباغ والقفال وأبي بكر الحداد، نقل ذلك عنه أيضا مع تحفظهم على نقل أقواله، وتشددهم في التخريج عليها.

والمختار: ما عول عليه علماء العترة من طهارته بالريق، ويدل على ذلك حجتان:

الحجة الأولى: أنا نقول: ليس يخلو الحال في فم الهرة، بعد تحقق النجاسة عليه: إما أن يقال: إنه يطهر بغير سبب، وهذا لا قائل به، فإن أحدا من الفقهاء لم يذهب إلى طهارة الشيء بعد نجاسته لا لأمر من الأمور، وإما أن يقال: إنه يطهر بالغسل، وهذا أيضا لا قائل به، فإنه لا يعلم أن أحدا أوجب غسل فم الهرة بعد نجاسته، وإما أن يقال: إنه يطهر بالمسح، وهذا إنما يقال به في الأشياء الصقيلة كالسيف والمرآة، فأما ما عداها فلا، وقد مر بيانه، فإذا بطل ما ذكرناه من هذه الأوجه لم يبق إلا أن يقال: إنه يطهر بالريق؛ لأنه هو الذي يمكن أن يقال في حقها بعد بطلان ما ذكرناه.

الحجة الثانية: هو أن الريق مائع فأشبه الماء، ولأن الريق في حقها وحق غيرها من سائر الحيوانات مختص بنوع حدة، ولهذا فإنه يؤثر في زوال الآثار بعض تأثير في تقليلها إذا علقت، فلأجل هذا كان مختصا بالتطهير في حقها، لما لها في ذلك من مزية الاختصاص؛ ولأنه هو الممكن في حقها، وقد قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة:286]. ولأنه قد رآه الأفاضل من علماء العترة وغيرهم من فقهاء الأمة، وقد قال عليه السلام: (( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن )).

صفحہ 421