في أسماء الحكماء ساعد بن يحيى بن هبة الله بن توما النصراني أبو الكرم البغدادي كان طبيبا حسن العلاج كثير الإصابة ميمون المعاناة في الأكثر له سعادة في هذا الشأن وكان من ذوي المروآت والأمانات تقدم في أيام الناصر إلى أن كان بمنزلة الوزراء واستوثقه على حفظ أموال خواصه وكان يودعها عنده ويرسله في أمور خفية إلى وزرائه ويظهر له في كل وقت وكان حسن الوساطة قضيت على يده حاجات واستكفيت بوساطته شرور ولم ير له غير شاكر وكان الخليفة الناصر في آخر أيامه قد ضعف بصره وأدركه سهو في أكثر أوقاته لأحزان تواترت على قلبه ولما عجز عن النظر في القصص ولأنها آت استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وكانت تكتب خطا قريبا من خطه وجعلها بين يديه تكتب الأجوبة والرقاع وشاركها في ذلك خادم قريب اسمه تاج الدين رشيق ثم تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب في الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق في مثل ذلك واتفق أن كتب الوزير القمي المدعو بالمؤيد مطالعة وحملها وعاد جوابها وفيه اختلال بين فتوقف الوزير وأنكر ثم استدعي الحكيم صاعد بن توما وأسر إليه ما جرى وسأله تفصيل الحال فعرفه ما الخليفة عليه من عدم البصر والسهو الطارئ في أكثر الأوقات وما تتعمده المرأة والخادم من الأجوبة فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عليه وتحقق الخادم والمرأة ذلك وقد كانت لهما أغراض يرديان أن تمشيتها لأجل الدنيا واغتنام الفرصة في نيلها فحدثا أن الحكيم هو الذي دله على ذلك فقرر رشيق مع رجلين من الجند في الخدمة أن يقتلا الحكيم ويقتلاه وهما رجلان يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية وكان أحدهما في الخدمة والآخر بطالا فرصدا الحكيم في بعض الليالي إلى أن أتى دار الوزير وخرج منها عائدا إلى دار الخلافة وتبعاه إلى أن وصل إلى باب درب الغلة المظلمة ووثبا عليه بسكينيهما فقتلاه وكان بين يديه مشعل وغلام وانهزم الحكيم لما وقع بحرارة الضرب إلى الأرض إلى أن وصل إلى باب خربة الهراس والقاتلان تابعان له فبصر بهما واحد وصاح خذوهما فعاد إليه وقتلاه وجرحا النقاط الذي كان بن يدي الحكيم وحمل الحكيم إلى منزله ميتا ودفن بداره في ليلته ونفذ من البدرية من حفظ داره وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع التي كانت عنده للحرم والحشم الخاص وبحث عن القاتلين فعرفا فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إلى منزله ولما كان في بمرة تلك الليلة أخرجا إلى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا على باب المذبح المحاذي لباب الغلة التي حرج بها الحكيم وكان قتله وموته في ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة.
صفحہ 95