وبعضها أصحُّ من بعض" (^١).
_________
= قال: "يوهم بذلك القراء الدين لا علم عندهم باصطلاحات العلماء أنه صالحٌ حجةً أي أنه حسن أو صحيح، كما هو الاصطلاح الغالب عند العلماء، وهو المتبادر من هذه اللفظة (صالح)، مع أن فيما سكت عليه أبو داود كثيرًا من الضعاف، ذلك لأن له فيها اصطلاحًا خاصًّا، فهو يعني بها ما هو أعم من ذلك بحيث يشمل الضعيف الصالح للاستشهاد به لا للاحتجاج كما يشمل ما فوقه، على ما قرره الحافظ ابن حجر، فما جرى عليه بعض المتأخرين من أن ما سكت عليه أبو داود فهو حسن، خطأ محض، يدل عليه قول أبي داود نفسه: "وما فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض". فهذا نص على أنه إنما يبين ما فيه ضعف شديد، وما كان فيه ضعف غير شديد سكت عليه وسماه صالحًا، من أجل ذلك نجد العلماء المحققين يتتبعون ما سكت عليه أبو داود ببيان حاله من صحة أو ضعف، حتى قال النووي (أ) في بعض هذه الأحاديث الضعيفة عنده: "وإنما لم يصرِّح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر". ذكره المناوي، وعليه كان ينبغي على المصنف أن يعقب كل حديث رواه أبو داود ساكتًا عن ضعفه ببيان حاله تبعًا للعلماء المحققين، لا بأن يتبعه بقوله: "صالح". وإن كان ضعيفًا بين الضعف؛ دفعًا للوهم الذي ذكرنا، ولأنه لا يفهم منه على الضبط درجة الحديث التي تعهد المؤلف بيانها بقوله المذكرر في مقدمة كتابه: "كل حديث سكت عنه أبو داود فهو صالح" وسأتبع ذلك في بيان درجة ما رواه بقولي: "بسند صالح ". وليس في قوله البيان المذكرر، لما حققته آنفًا أن قول أبي داود "صالح" يشمل الضعيف والحسن والصحيح، فأين البيان؟! ".
وانظر لزامًا "بذل المجهود" (ص ٢٧ - ٢٨) للسخاوي، فإنه مهم.
(^١) نقلها المصنِّف في مقدمة "خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام" (١/ ٦١) وقال على إثرها: "هذا الفقه، ومقتضاه أن ما أطلقه أبو داود فهو صحيح أو حسن يُحْتَجُّ به، إلا أن يظهر فيه ما يقتضي ضَعْفَه". =
_________
(أ) في كتابنا هذا (ص ٥٦).
1 / 49