فعلى هذا، ما وجدنا في "سنن أبي داود" وليس هو في "الصحيحين" أو أحدهما، لا نص على صِحَّته أو حسنه أحدٌ ممن يعتمد، ولم يُضَعّفْه أبو داود، فهو حَسَنٌ عند أبي داود أو صحيح، فنحكمُ بالقدر المحقق: وهو أنه حَسَنٌ (^١)، فإن نَصَّ على ضَعْفِهِ من يُعتمد، أو رأى العارفُ في ...
_________
= قلت: وروي عن أبي داود أنه قال: "وما سكتُّ عنه فهو حسن". كذا في "الباعث الحثيث" (ص. ن. ط الفيحاء)! وهذه الرواية تخالف كلامه المتقدم وهو قوله: "فهو صالح". وهذا هو المعروف عنه، فقول: "فهو حسن" شاذٌّ لم يثبت عنه، ووجِّهت هذه الرواية -على تقدير صحتها- بأنها حسن للاحتجاج به، وهو معنى الاعتبار، انظر "النكت الوفية" (ق ٧٢/ ب- ٧٣/ أ).
وطوَّل البقاعي في "النكت الوفية" (٧٣/ أ) تقرير قول أبي داود: "وبعضها أصح من بعض" أنه لا يقتضي اشتراكًا في الصحة، وإنما مراده المفاضلة بين الأحاديث في الاحتجاج، وإن بعضها أقوى في باب الاحتجاج من بعض، لا المشاركة في نفس الصحة، قال: "فظهر بهذا أن (أصح). ليست على بابها". قاله في سياق مهم، وسيأتيك كلامه بطوله قريبًا فانظره غير مأمور، وتجد هناك كلامًا للسخاوي يخص هذه العبارة، فتأمَّله، والله الموفق.
(^١) هذا تقرير ابن الصلاح في "علومه" وتعقّب:
تعقّبه ابنُ رشيد بأن قال: "ليس يلزم أن يستفاد من كون الحديث لم ينص عليه أبو داود بضعف ولا نص عليه غيره لصحة أن الحديث عند أبي داود حسن، إذ قد يكون عنده صحيحًا، وان لم يكن عند غيره كذلك". نقلهُ ابن سيد الناس في "النفح الشذي" (١/ ٢١٨) وقال: "وهذا تعقب حسن".
ونظمه العراقي في "ألفيته" (١/ ٩٦ - ٩٨ مع "التذكرة")، ونقل في "التقييد والإيضاح" (٥٣) هذا، وقال بعد كلام: "والاحتياط أن يقال (صالح) كما عبَّر هو عن نفسه". وسيأتيك أن قول ابن رشيد صحيح من جهة، ومنتقد من جهة أخرى، وأفصح البقاعي في "النكت الوفية" (ق ٧٢/ ب- ٧٣/ أ) عن ذلك لما قال مُتعقِّبًا كلام النووي هذا: " ... وعلى تقدير تسليم أن مراده =
1 / 50