من حديث فيه وهنٌ شديد فقد بَيَّنْتُه (^١)، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح (^٢)،
_________
(^١) بعدها في "الرسالة": "فقد بينته، ومنه ما لا يصح سنده"، والظاهر من هذه العبارة، أن أبا داود ﵀ قد يبين أمرًا في الإسناد، لا ينزل به إلى درجة الوهن الشديد، وإنما قد يكون ما نبه عليه من باب الحديث أبو الحسن، أو الضعيف ضعفًا يسيرًا والذي يقبل الاعتضاد والله أعلم. ووقع في "سننه" حديثان فيهما ضعف شديد، هما:
الأول: حديث على إثر رقم (٣٠٦٤، ٣٠٦٥) وفي إسناده محمد بن الحسن المخزومي، قال شيخنا عنه في "ضعيف سنن أبي داود": "ضعيف جدًّا".
قلت: فيه ابن زبالة، وسيأتي الجواب عنه في التعليق على (ص ٥٢) ".
والآخر: حديث رقم (٣٢٥٩) وحكم عليه شيخنا بـ (الضعف) فقط- وفيه يحيى بن العلاء البجلي، قال أحمد عنه: "كذاب يضع الحديث". وتركه الفلاس والنسائي والدارقطني.
إلا أن أبا داود قال عنه: "ضعّفوه"، فهو يعرف ضعفه، ولعله ليس بشديد عنده، والله أعلم!. وانظر كلمة الذهبي في "السير" (١٣/ ٢١٤ - ٢١٥).
وستأتي برمتها قريبًا.
(^٢) شرح الحافظ ابن حجر ﵀ هذه الكلمة شرحًا وافيًا في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" (١/ ٤٣٥ - ٤٤٥)، ومما قال بعد تحقيق وكلام: "وهذا جميعه إن حملنا قوله: "وما لم أقل فيه شيئًا فهو صالح" على أن مراده أنه صالح للحُجَّة، وهو الظاهر، وإن حملناه على ما هو أعَمَّ من ذلك؛ وهو الصلاحية للحجة أو للاستشهاد أو للمتابعة، فلا يلزم منه أنه يحتج بالضعيف. ويحتاج إلى تأمل تلك المواضع التي يسكت عليها وهي ضعيفة، هل فيها أفراد أم لا؟ إن وجد فيها أفراد تعيَّن الحمل على الأول، وإلا حمل على الثاني، وعلى كل تقدير، فلا يصلح ما سكت عليه للاحتجاج مطلقًا".
قال أبو عبيدة: الذي تعامل به أهل الصنعة الحديثية، والمخرجون أن سكوت أبي داود في "سننه" أوسع من كونه (صالحًا) للحجة؛ بل يشمل الاعتضاد، ولذا تعقب شيخنا الألباني في مقالته المنشورة في مجلة "المسلمون" (٦/ ١٠٠٧ - ١٠١٢) صاحب كتاب "التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول" لما قال على إثر الحديث المسكوت عليه عند أبي داود: "إسناده صالح" =
1 / 48