الدواوين بأكثر ما في دواوينهم، وأقبل إسماعيل بن صبيح يقرأ على الأمين، وهو يأمر وينهى أحسن أمر ونهي وأسده، وربما شاور من حوله في الشيء بعد الشيء، وكلما وقع في شيء وضع بالقرب من إسماعيل بن صبيح، ورفعت الموائد، ودعا بالنبيذ، وكان لا يشرب في القدح أقل من رطل واحد، وأخذ في تتميم العمل، ثم دعا بخادم له، فناجاه بشيء أسره إليه، فمضى ثم عاد، فلما رآه نهض واستنهض إبراهيم بن المهدي وسليمان بن علي، فما مشوا عشرة أذرع، حتى أقبل جماعة من النفاطين، فضرموا تلك الكتب والأعمال بالنار، وكان الفضل بن الربيع حاضرًا فلحق بالأمين وقد شق ثوبه، وهو يقول: الله أعدل من أن يرضى أن يكون مهدي أمة محمد نيه ﷺ من هذه أفعاله! وهو يضحك ولا ينكر قول الفضل.
ولما قتل الأمين استتر الفضل، وطال استخفاؤه، إلى أن دخل المأمون بغداد، فسأل عنه، فشفع فيه طاهر بن الحسين؛ وقد قيل إن المأمون وجده قبل الشفاعة ثم شفع فيه طاهر، فعفا عنه. ويقال: إن الفضل لقي طاهرًا في موكبه، فثنى عنان فرسه معه، وقال: يا أبا الطيب ما ثنيت عناني مع أحد قبلك قط، إلا مع خليفة أو ولي عهد! قال له طاهر: صدقت ولكن قل حاجتك، فقال: صفح أمير المؤمنين عني وتذكيره بحرمتي! فقال المأمون: قد صفحت عنه، على
1 / 101