فتدرك آمالٌ وتقضى مآربٌ ... وتحدث من بعد الأُمور أُمور
فرده ووقع له بما أراد.
واتصلت وزارته للرشيد، إلى أن توفي بطوس، وهو معه، فأخذ البيعة للأمين على القواد وسائر الطبقات، وأجل الناس ثلاثًا، ثم قفل بهم إلى بغداد ففوض الأمين إليه الأمر، وجعله وزيره والآمر والناهي في كل شيء. وكان يرى انهماك الأمين ونقصه فيسوءه ذلك، وتبلغ به الحفيظة والنصيحة أحيانًا إلى أن يسمعه ما لا يحتمل فيحلم عنه. وحكى ابن عبدوس: أن الأمين عزم يومًا على الاصطباح، وأحضر ندماءه وأمر كل واحد منهم أن يطبخ قدرًا بيده، وأحضر المغنين، ووضعت الموائد، فلما ابتدأ يأكل، دخل إليه إسماعيل بن صبيح فقال: يا أمير المؤمنين هذا هو اليوم الذي وعدتني أن تنظر في أعمال الخراج والضياع وجماعات العمال، وقد اجتمعت علي أعمال منذ سنة، لم تنظر في شيء منها، ولم تأمر فيها، وفي هذا دخول الضرر في الأعمال؛ فقال له محمد: إن اصطباحي لا يحول بيني وبين النظر، وفي مجلسي من لا أنقبض عنه، من عم وابن عم، وهم أهل هذه النعمة التي يجب أن تحاط، فأحضر ما تريد عرضه، فاعرضه علي وأنا آكل، لأتقدم فيه بما يحتاج إليه، إلى أن يرفع الطعام، ثم أُتمم النظر فيما يبقى، ولا أسمع سماعًا حتى أُتمم الباقي وأفرغ منه؛ فحضر كتاب
1 / 100