أن تذكيره بحرمته ذنب ثان؛ وكان الفضل قد أمسكه في حجره، في حولي رضاعه؛ وأمر بإحضاره، فلما وقعت عينه عليه سجد وقال: إنما سجدت لله شكرًا لما ألهمني من العفو عنه! ثم قال: يا فضل أكان في حقي عليك وقح آبائي أن تثلبني وتشتمني وتحرض على دمي؟ أتريد أن أفعل بك مع القدرة مثل ما أردت بي؟ فقال الفضل: يا أمير المؤمنين إن عذري يحقدك إذا كان واضحًا جميلًا، فكيف إذ أعقته العيوب، وقبحته الذنوب، فلا يضق عني من عفوك ما وسع غيري منه، وإنك كما قال الحسن بن رجاء فيك:
صفوحٌ عن الإجرام حتى كأنّه ... من العفو لم يعرف من الناس مجرما
وليس يبالي أن يكون به الأذى ... إذا ما الأذى لم يغش بالكره مسلما
وقد تقدم إنشادهما؛ فأمسك عن عتابه، وأذن له في حضور بابه.
إسماعيل بن صبيح
كتب للرشيد، وخص به، وله يقول إبقاءً عليه، وإيصاءً بما يحفظ الصنيعة
1 / 102