عن واجبك، وإن كانت ذنوبي قد سدت علي مسالك الصفح عني فراجع في مجدك وسؤددك، وأي موقف هو أدنى من هذا الموقف، لولا أن الاعتذار فيه إليك، والمخاطبة بما ضمنته كتابي إليك؟ أم أي خطة هي أزرى بصاحبها من خطة أنا راكبها، لولا أنها في طلب رضاك، فإن رأيت أن تستقبل الصنيعة بقبول العذر، وتجدد النعمة باطراح الحقد، وتستأنف المنة بنسيان الزلة، وتردني إلى موضعي في قلبك، وإن كنت أعلم أني لم أدع إلى ذلك سبيلًا، فإنا رأينا قديم الحرمة وحديث التوبة يمحوان ما بينهما من الإساءة ويمسحانه، فعلت، فإن أيام القدرة وإن طالت قصيرة، والمتعة بها وإن كثرت قليلة، والمعروف وإن أُسدي عودًا على بدء إلى من يكفره مشكور على كل حال بلسان غيره.
وكان العتابي أيام هارون الرشيد في ناحية المأمون، وشيعه عند خروجه إلى خراسان، حتى وقف معه على سندان كسرى، فلما حاول وداعه قال له المأمون: سألتك بالله يا عتابي إلا عملت على زيارتنا إن صار لنا من هذا الأمر شيء؟؟!.. ولما قدم المأمون بغداد يوم السبت منتصف صفر سنة أربع ومائتين، توصل إليه العتابي، فتعذر عليه لقاؤه، فتعرض ليحيى بن أكثم فقال: أيها القاضي إن رأيت أن تذكر بي أمير المؤمنين! فقال له يحيى: ما أنا بحاجب!
1 / 97