يجران من أرجلهما في الأسواق. قالا : ثم ودعنا ومضى ، ورجعنا حتى لحقنا الحسين (عليه السلام) فسلمنا عليه ، فرد علينا السلام ، فقلنا له : رحمك الله ، إنا عندنا خبرا إن شئت أخبرناك به علانية. قالا : فنظر إلينا وإلى أصحابه ، ثم قال : «ما دون هؤلاء سر». فقلنا : رأيت الراكب الذي استقبلته عشية أمس؟ قال : «نعم ، وقد أردت مسألته». فقلنا : قد والله استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ؛ وهو امرؤ منا ذو رأي وصدق وعقل ، وأنه حدثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، ورآهما يجران من أرجلهما في الأسواق. فقال (عليه السلام): «إنا لله وإنا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما». وصار يردد ذلك مرارا ، فقلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك هذا من حيث أتيت ؛ فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا معين ولا شيعة ، بل نتخوف عليك. فنظر إلى بني عقيل ، فقال : «ما ترون وقد قتل مسلم بن عقيل؟». فقالوا : والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق مسلم. فأقبل علينا الحسين (عليه السلام) وقال : «لا خير في العيش بعد هؤلاء». فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا : خار الله لك. قال : «رحمكم الله». ثم قال له أصحابه : إنك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع. فسكت ، ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : «أكثروا من الماء». فاستقوا وأكثروا ، ثم ارتحل من زرود حتى انتهى به السير إلى الثعلبية.
ثم أتى للثعلبية التي
بطان بعدها ومن ثم سرى
(الثعلبية): بفتح أوله ، من منازل الحج من الكوفة بعد الشقوق. قال البكري : منسوبة إلى ثعلبة بن دودان بن أسد ، وهو أول من احتفرها ، وهي ماء
صفحہ 72